رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

في ذكرى وفاة الشيخ محمود علي البنا.. تعرف على رحلاته العلمية

نشر
الشيخ محمود علي البنا
الشيخ محمود علي البنا

تحل اليوم ذكرى وفاة الشيخ محمود علي البنا أحد أشهر قراء القرآن الكريم، والذي نال محبة عشاق التلاوة في مصر والعالم العربي على مدار عشرات السنين.

ولد الشيخ محمود علي البنا بمركز شبين الكوم في محافظة المنوفية، يوم 17 ديسمبر عام 1926، والتحق بالكُتاب وهو في سن السادسة، فيما كان يجسد الشيخ محمود علي البنا علامة للنبوغ، ولا سيما في مخارج الألفاظ والدقة في النطق، فضلا عن الذكاء الشديد والالتزام والرقة في التعامل مع كلمات القرآن. 

استطاع الشيخ محمود علي البنا حفظ القران وهو في العاشرة من عمره، أراد والده  أن يسجله بمعهد شبين الكوم الديني الأزهري، في حين أن أحد أصدقائه  أشار عليه بالذهاب إلى معهد المنشاوي بطنطا الذي يقبل حفظة القرآن مباشرة وبالفعل التحق الشيخ محمود علي البنا بمعهد المنشاوي عام 1937 ، واشتهر بين الطلاب بجمال صوته وحسن مظهره وقوة أدائه ما جعل كل مشايخ المعهد يحبون الاستماع إليه إضافة إلى الطلاب.

حديث الشيخ محمود علي البنا

يقول الشيخ البنا: “الذي شجعني على البقاء بطنطا رغم صغر سني التفاف الكثير من الناس حولي لسماع صوتي وأنا أقلد الشيخ محمد رفعت ـرحمه الله- وكانت توجه إلي الدعوات للقراءة في المناسبات أحياناً بالمسجد الأحمدي وعرفت وقتها بالطفل المعجزة لأنني كنت ماهراً في تقليد أصحاب المدارس الراقية في تلاوة القرآن، ويشجعني المستمعون بالمئات فيزداد الإبداع وأتمكن من الأداء بقوة وأنا في الثانية عشرة من عمري، واستمرت الدراسة بالمعهد ست سنوات، وفي آخر سنة قال لي الشيخ حسين والشيخ محرز رحمهما الله: ”يا محمود اذهب إلى المعهد الأحمدي بطنطا وتعلم القراءات، وذهبت إلى المعهد الأحمدي وتعلمت القراءات على يد المحروم الشيخ محمد سلاّم، الذي كان حريصاً على انتقاء من يلتحق بمعهد القراءات فيعقد له اختبارًا في الحفظ والتجويد وسلامة النطق ومعرفة مخارج الألفاظ والدقة في الأداء القرآني وحسن المظهر "، ومكث الشيخ البنا عامين كاملين بالمعهد الأحمدي يتلقى علوم القرآن والقراءات العشر وتتلمذ على يد المحروم الشيخ محمد سلام.

الشيخ محمود علي البنا والأزهر 

في الثامنة عشرة من عمره انتقل الشيخ محمود علي البنا إلى القاهرة عام 1945  ليتعلم بالأزهر الشريف بعد أن أصبح مثقلاً بالقرآن وعلومه، استقر بحي شبرا بالقاهرة وكان لعشاق فن الشيخ البنا الدور الأكبر في بقائه بالقاهرة لمواصلة مسيرته نحو الشهرة والعالمية، لأنهم مكنوه من التلاوة بأكبر مساجد شبرا فتعرف عليه مئات المهتمين بالاستماع للموهوبين من قراء كتاب الله عز وجل وخاصة كبار الشخصيات الذين لعبوا دوراً كبيراً في تقديم موهبته إلى الملايين عبر موجات الإذاعة.

الشيخ محمود علي البنا والتواشيح الدينية 

وفي عام 1946 التقى الشيخ بأحد عمالقة التواشيح والنابغين في تدريس المقامات الموسيقية الشيخ درويش الحريري الذي ساعد الشيخ البنا على إتقان المقامات الموسيقية وتطويعها للتلاوة؛ خاصة أن صوته يحمل نغما ربانيا يستحق الدراسة واستطاع الشيخ البنا أن يزيد حصيلته الفنية؛ فتعلم التواشيح وأتقنها ليتمكن فقط من توظيف ما لديه من مواهب وإمكانات في تلاوة القرآن وفي عام 1948.

 ذهب الشيخ البنا إلى دار الأوبرا للاحتفال بمطلع العام الهجري الجديد وسمح له بعد معاناة لأنه غير معتمد في الإذاعة "أن يقرأ القرآن في الاحتفال الذي كان يحضره الكثير من الشخصيات الهامة والذي نقل على الهواء مباشرة وبعد الحفل طلب المسئول الإذاعي محمد قاسم من الشيخ البنا، أن يتقدم للإذاعة، وبالفعل تم اعتماده بها وكانت أول تلاوة له في آخر ديسمبر عام 1948م وكانت سنه 22 عامًا وبعد التحاقه بالإذاعة واكتساب شهرة عريضة امتدت إلى جميع أقطار الدنيا.

اختير لكفاءته وحسن مظهره الملائكي لأن يكون قارئاً لأكبر وأشهر وأهم المساجد؛ خاصة المساجد التي تزورها وفود إسلامية من مختلف دول العالم فقرأ السورة يوم الجمعة لمدة خمس سنوات في الخمسينات بمسجد الملك فاروق بحدائق القبة بالقاهرة وبعدها انتقل قارئًا بمسجد الإمام أحمد الرفاعي لمدة خمس سنوات أيضا، وخلال هذه الفترة انتقل وراءه مئات من جمهوره المتيم بأدائه وصوته إلى مسجد الإمام الرفاعي وبعد ذلك اختير لأن يقرأ السورة بمسجد السيد أحمد البدوي بمدينة طنطا وظل به متمتعاً بتلاوة كتاب الله ما يقرب من ثلاثة وعشرين عاماً متواصلة حتى عام 1980م وبعد وفاة الشيخ الحصري انتقل الشيخ البنا إلى القاهرة مرة ثانية ليكون قارئاً للسورة بمسجد الإمام الحسين 

الرحلات العلمية للشيخ محمود علي البنا

 كانت للشيخ محمود علي البنا رحلات عالمية مع القران الكريم على مدى ما يقرب من أربعين عاماً متتالية ولم يترك قارة من قارات الدنيا إلا وذهب إليها؛ خاصة في شهر رمضان المبارك الذي طالما أسعد الملايين من الجاليات المسلمة بسماع صوته البريء العذب الفياض، وكانت كل رحلاته على شرف الرؤساء من بينهم الرئيس العراقي عبد السلام عارف.

ومن بين المساجد التي قرأ القران فيها المسجد الأموي والمسجد الأقصى وفي السعودية تشرف بدخول بيت رسول الله " صلى الله عليه وسلم " بعد منتصف الليل بصحبة الدكتور محمد الفحام شيخ الأزهر الأسبق والدكتور محمد بيصار، ويقول الشيخ البنا " لقد بكيت مرتين في حياتي الأولى في عام 1969م عندما كلفت من وزارة الأوقاف لإحياء ليالي رمضان في المملكة العربية السعودية والمرة الثانية عندما جلست في الروضة الشريفة لأتلو القران وكان أمامي قبر الرسول " صلى الله عليه وسلم " فأحسست برهبة شديدة وسالت عيني بالدموع "

واختاره الأزهر الشريف لحضور كثير من المؤتمرات الإسلامية العالمية، ممثلاً أهل القرآن وقراءه وأرسلته وزارة الأوقاف إلى كثير من المسابقات العالمية كمحكم وقاض قرآني وانهالت عليه الدعوات من الملوك والرؤساء والشيوخ العرب؛ لإحياء المناسبات الدينية كالمولد النبوي الشريف وليلة الإسراء والمعراج وليلة رأس السنة الهجرية وافتتاح المؤتمرات الإسلامية العالمية المقامة على أرض بلادهم.

وفاة الشيخ محمود علي البنا 

في العشرين من شهر يوليو عام 1985 م رحل الشيخ البنا عن عمر يناهز 59 عامًا، ودفن بالمقبرة التي بناها في حياته بجوار المركز الإسلامي الذي أقامه بقريته شبراباص على نفقته الخاصة ليخدم أبناء قريته والقرى المجاورة.

عاجل