رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

الكشف عن مقبرة قائد الجنود الأجانب في أبوصير| صور

نشر
مستقبل وطن نيوز

كشف المجلس الأعلى للآثار، عن مقبرة الجنود الأجانب في أبوصوير، في محافظة الجيزة، خلال أعمال الحفائر التي أجريت بجوار خبيئة التحنيط التي تخص شخص رفيع المستوى من مصر القديمة يدعى «واح-إيب-رع مري نيت»، الذي كان يشغل وظيفة "قائد الجنود الأجانب" خلال أول عصور العولمة الحقيقية في العالم القديم، وعثرت البعثة الأثرية التابعة للمعهد التشيكي لعلم المصريات، كلية الآداب، جامعة تشارلز على مقبرة «واح-إيب-رع مرى نيت» التي يُمكن تأريخها للفترة خلال أواخر الأسرة 26 وأوائل الأسرة 27.

وصرح الدكتور مصطفي وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن البئر الرئيسية لمقبرة «واح-إيب-رع مري نيت» بلغ عمقها 6 أمتار، كما بلغت أبعاده 14 × 14 مترًا تقريبًا، وينقسم البئر إلى عدة أجزاء تفصل بينها جسور منحوتة في الصخر الطبيعي للمنطقة، وبمنتصف البئر الرئيسية تم حفر بئر أخرى أصغر، ولكن أعمق، تم استخدامها كبئر أساسية لدفن صاحب المقبرة، واتخذ بئر الدفن اتجاه شرق-غرب، وبلغت قياسات فوهته حوالي 6.5 × 3.3 متر.

وأضاف وزيري، أن تصميم هذه المقبرة البئرية ليس له مثيل متطابق في مصر القديمة، إلا أنها على الرغم من ذلك يتشابه تصميمها المعماري جزئياً مع مقبرة ودجا حور رسنت المنقورة في الصخر، التي تقع بالقرب من المقبرة المكتشفة حديثًا، وكذلك تشبه ما يسمى بمقبرة كامبل في الجيزة.

وأوضح دكتور مارسلاف بارتا، رئيس البعثة التشيكية، أنه تم العثور في الجزء السفلى من بئر الدفن الرئيسي، على عمق حوالى 16 مترًا، على تابوت مزدوج، متضرر نوعًا ما وكان مغطى بالكامل بالرمال، وصُنع التابوت الخارجى لـ «واح-إيب-رع مري نيت» من كتلتين ضخمتين من الحجر الجيري الأبيض، وبداخل تجويفه تضمن تابوتًا مصنوعًا من حجر البازلت على شكل آدامي ومنقوش على جزئه العلوي نصوص من الفصل 72 من كتاب الموتى، التي تصف إحياء المتوفى ورحلته في العالم الآخر، كما بلغ طول التابوت البازلتي 2.30 متر، وعرضه 1.98 متر.

وتابع بارتا، بأنه تم العثور على المساحة الداخلية من التابوت البازلتي فارغة تمامًا، حيث تم العثور فقط على جعران للقلب غير منقوش ومنحوت بدقة عالية، وكذلك على تميمة على شكل مسند رأس وذلك داخل التابوت الفارغ، وكان يوجد المتاع الجنائزي البسيط لصاحب المقبرة في الأصل على الجانبين الغربي والشرقي من التابوت، وعثرت البعثة بالناحية الشرقية على العديد من اللقى الأثرية السليمة والتي كانت جزءًا من ذلك المتاع الجنائزي وفي موقعها الأصلي، حيث تضمنت 402 تمثال أوشابتي مصنوع من الفاينس (والأوشابتى هي تماثيل صغيرة من المفترض أنها تمثل صاحب المقبرة وتقوم بتأدية الخدمات نيابة عنه في العالم الآخرة)، كما تم العثور على إناءين كانوبيين مصنوعين من الألباستر، بالإضافة إلى نموذج من الفاينس لمائدة قرابين و10 أكواب رمزية وأوستراكا من الحجر الجيري منقوش عليها نصوص دينية هيراطيقية مكتوبة بالحبر الأسود.

وأشار بارتا إلى أنه نظرًا لصغر حجم الأوستراكا، قرر مؤلف النص تغطيتها بمقتطفات موجزة من تعاويذ كتاب الموتى التي شكلت أيضًا أجزاءً من طقوس التحول وبالتالي ضمان وجود حياة أخرى لصاحب المقبرة في العالم الآخر.

وأضاف، أن الدراسات المبدئية التي أجريت على المقبرة البئرية كشفت عن تعرضها للسرقة في أواخر العصور القديمة، وذلك على الأرجح حوالي القرنين الرابع والخامس بعد الميلاد، حيث تأكدنا من تلك المعلومة نتيجة العثور على إناءين من الفخار تم تركهما بالبئر الرئيسي، وصنع أيضًا اللصوص القدامى فتحة بالجزء الغربي من التابوت الخارجي لـ«واح-إيب-رع مري نيت»، وقاموا بتحطيم الجزء العلوى (الغربي) من غطاء التابوت البازلتي، الذي يُمثل وجه المتوفى، وذلك إلى كسرات عديدة، والتي تم العثور عليها حول التابوت بواسطة البعثة.

وأكد الدكتور محمد مجاهد، نائب مدير البعثة التشيكية، أنه "على الرغم من أن الحفائر الأثرية لمقبرة «واح-إيب-رع مري نيت» لم تقدم لنا العديد من اللقى الأثرية المهمة أو متاع جنائزي مُتقن، إلا أن تلك المقبرة تعتبر فريدة من نوعها ومهمة"، مضيفًا أنها تقدم نظرة جديدة حول الفترة المضطربة لبداية عصر الهيمنة الفارسية على مصر القديمة، بالإضافة إلى نتائج البحث الجارية حول وديعة التحنيط الخاصة بصاحب المقبرة والتي عثرت عليها البعثة خلال الموسم السابق، يمكننا رسم فكرة عن حياة «واح-إيب-رع مرى نيت» وخلفيته العائلية ومسيرته المهنية. وهو الذى على الأرجح توفى بشكل غير متوقع خلال وقت لم تكن مقبرته ومتاعه الجنائزي المصاحب له في العالم الآخر لا يزالا غير مكتملين بشكل كبير.

هكذا، يوفر كلا من التصميم المعماري للمقبرة ومحتوياتها معلومات قيمة للغاية عن أهمية ومعنى مكونات المتاع الجنائزي ونقوش المقبرة المصاحبة للمتوفى في العالم الآخر.

عاجل