رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

في ذكرى وفاته.. علاقة عبدالله فرغلي بنظرية «السرنجة»

نشر
عبد الله فرغلي
عبد الله فرغلي

تمرد عبدالله فرغلي على التصنيف، وضعه في خانة الكوميديانات يتناقض تماما مع أدواره التراجيدية التي جسدها باحترافية؛ ما يجعله واحدا من «جبابرة» التمثيل المعدودين في مصر.

عبد الله فرغلي 

في المعهد العالي للفنون المسرحية يتم التعامل مع عبدالله فرغلي على أنه عالم من علماء الفن، وناظر مدرسة متطورة في الأداء، من مهامها منع الممثل الذي يجسد شخصية تتحدث «الفصحى» من الإفراط في الاهتمام باللغة على حساب المعنى المراد توصيله للجمهور.

عبد الله فرغلي 

قال الفنان الكبير أحمد حلاوة إن عبدالله فرغلي له طريقة عجيبة في حفظ الجمل الحوارية، عندما يكون المطلوب منه في المشهد أن يقول لشخصية غبية مثلا «صباح الخير»، فإنه قبل البروفه ينطقها: صباح الخير يا غبي.. ويظل يكررها حتى يصل إلى الانفعال المطلوب، وأمام الكاميرا يقول: صباح الخير فقط ويسحب كلمة غبي، ولكن المشاهد يشعر أنه نطقها بالفعل. إنها «نظرية السرنجة» التي يقوم الدكتور حلاوة  بتدريسها لطلابه!

عبدالله فرغلي واللغة الفرنسية 

في 3 مارس 1928 ولد عبدالله فرغلي في بولاق أبو العلا، لكنه كان لا يكف عن النظر  إلى الضفة الأخرى من النهر؛ حيث حي الزمالك الراقي الذي يجيد  أهله التحدث بـ«الفرنسية»، ما شجعه على أن يتعلم لغة باريس، ويتكلم بها مع سكان الحارة الذين أطلقوا عليه «الخواجة عبدالله».

عبد الله فرغلي 

في الابتدائية عاقبه المدرسون لأنه لا يكف عن تقليدهم، وفي الثانوية التوفيقية بشبرا ينضم إلى فريق التمثيل، وعندما يحصل على «البكالوريا» يقوم بتأسيس فرقة للهواة باسم المسرح العصري. 

التحق عبدالله بمدرسة المعلمين قسم التربية، وفور تخرجه تم تعينه في أسيوط مدرسا للغة الفرنسية، ثم ينتقل إلى بني سويف ليعمل مدرسا في المعهد الفرنسي، ويكون فرقة من طلبة المعهد باسم المسرح الحديث، تقوم بتجسيد الروايات العالمية، وأعمال الريحاني على مسرح «سينما الأهلي». 

المشوار الفني لـ عبدالله فرغلي 

وعندما استقر في القاهرة ضمه عبدالمنعم مدبولي إلى فرقة الفنانين المتحدين، وقدمه إلى سمير خفاجة وبهجت قمر، ليتم استغلاله في الكتابة دون ذكر اسمه كمؤلف. 

ويلمع اسم عبدالله فرغلي في مسرحية «سيدتي الجميلة» أمام فؤاد المهندس، بينما رحلته الشاقة يوميا من الإسكندرية التي يقام فيها العرض والعودة إلى القاهرة؛ حيث عمله في مدرسة إسماعيل القباني الثانوية بالعباسية تجبره على اعتزال الطباشير والسبورة، إلا أن شخصية الملواني في «مدرسة المشاغبين» تجعل منه أشهر مدرس في المسرح العربي! 

عبد الله فرغلي 

لا يحتاج عبدالله فرغلي إلى ماكير للانتقال من شخصية إلى أخرى، ملامحه تطوع نفسها مع نبرات صوته، يستطيع تجسيد الشخصية ونقيضها في عمل واحد كما فعل في مسرحية «إنها حقا عائلة محترمة»، تحول فجأة من رجل وقور وجاد إلى مراهق طفولي عندما التقى بحبه القديم «أمينة رزق».

يمتلك طاقة جذب، صنعت منه نجما، إلا أنه لم يصل أبدا لمحطة البطولة، رغم أدواره العديدة التي أثبتت أنه رقم صعب في معادلة الفن المصري. 

صديق عبدالله فرغلي 

امتنع عن الضحك عندما غادر جاره وصديق عمره صلاح السعدني حي المهندسين؛ ليقيم في الشيخ زايد، ما تسبب في حالة من الرعب لعبدالله من أن يفاجئه الموت وحيدا بدون أصدقاء، ولم يكف عن زيارة زملائه حين يمرضون حتى يتذكرونه عندما يرحل. 

اختار عبدالله العزلة، وأفسدها عليه وحيد حامد وهو يقنعه بالعودة للتمثيل من خلال مسلسله «الجماعة» وتوفي قبل أن يستكمل « شيخ العرب همام» أمام يحيى الفخراني، ليرحل في 18 من مايو عام 2010 عن عمر ناهز 82 عامًا.

كلما اتصل أحد من تلاميذه بأرملته ليسألها: عايزة حاجة يا حاجة.. تقول له: عايزة عبدالله يا بني. 

عاجل