رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

غزوة بدر الكبرى في رمضان.. الأسباب والنتائج والدروس المستفادة

نشر
غزوة بدر الكبرى
غزوة بدر الكبرى

غزوة بدر الكبرى هي التي أثبتت أن الإيمان بالله أعظم سلاح لدى الإنسان المسلم، بينما تعلمنا من الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة أن رمضان ليس شهرا للتراخي، فقد وقعت فيه العديد من الأحداث الجسام وفي مقدمتها غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون على الكفار في موقعة حاسمة أثبتت ما يتمتع به المقاتل المسلم من إيمان قوي وعزيمة لا تلين. 

وقعت غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة، يوم السابع عشر من شهر رمضان المُبارك، وقد وافق ذلك يوم الجمعة، اليوم الذي أعزّ الله فيه الإسلام والمسلمين، وسُمّي يوم بدر بيوم الفرقان.

وفي غزوة بدر الكبرى خرج رسول الله والمسلمون، وجعل عبد الله بن أمّ مكتوم في المدينة يؤمّ النّاس بالصّلاة، ثمّ سلّم الأمر لأبي لبابة بن عبد الله بن المنذر، وكانت غزوة بدر هي الباب الذي فتح حركة الجهاد والدّفاع عن النّفس، وإيقاف العدوّ عن عدوانه، وردّ المظلمة، فكلّ ما كان بعدها من الغزوات كان دفاعاً عن النّفس وتجهيزاً لطريق الدّعوة من أجل السّير فيه دون عوائق ومحددات. 

سبب غزوة بدر الكبرى

 استولت قريش على أموال المسلمين ومُمتلكاتهم في مكّة المكرمة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، وعندما هاجر رسول الله وصحابته إلى المدينة أمرهم باعتراض قافلة تجاريّة لقريش قادمة من الشّام ومتوجهةً إلى مكّة، تعويضاً للصّحابة عمّا استولت عليه قريش من قبل، لكنّ أمير القافلة أبو سفيان عَلِم بخطة المسلمين بالسّيطرة على القافلة، فقام بإرسال رسولاً إلى قريش يطلب منهم النّجدة.

 وسلك الدليل  طريقا غير معتاد عن الذي تسير فيه القوافل التجاريّة، فلم يستطع المسلمون تحقيق ما يريدون من السّيطرة على القافلة، ولمّا علم رسول الله استشار أصحابه، فأشاروا عليه بالقتال والجهاد في سبيل الله، خاصة أنهم  إن عادوا إلى المدينة ستظنّ قريش أنّهم هربوا منهم خوفا، وسيشيع خبرهم في الجزيرة العربيّة، ممّا يؤثر سلباً على قوة الدّولة الإسلاميّة.

كان القتال هو الحلّ الأمثل عند رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته الكرام -رضوان الله عليهم- من أجل توجيه  ضربة عسكريّة وسياسيّة واقتصاديّة تخرج منها قريش بخسائر فادحة، ولا سيما أن قافلة قريش اشتملت على أموال كثيرة، ولم يكن أحدٌ من قريش إلّا وأرسل أموالاً له مع أبي سفيان، فبلغ المال خمسين ألف دينار وألف بعير، وهذا المال كان لجميع أفراد قريش إلّا حويطب بن عبد العُزّى، وكان ذلك دافعاً لعدم خروجه للقتال مع قريش، وكان على هذه الأموال في القافلة ثلاثين رجلاً أو أربعين.

نتيجة غزوة بدر الكبرى

لم تتخيل قريش أن المسلمين بقلة أعدادهم سوف يحققون نصرا كبيرا عليهم، انتهت غزوة بدر بانتصارٍ عظيم للمسلمين، وخسارة فادحة للمشركين، شملت أرواحهم وأموالهم ومكانتهم، فقُتل منهم سبعون، وأُسر سبعون آخرون، وهرب الباقون ناجين بأرواحهم من ساحة القتال، وغنم المسلمون غنائم كثيرة، فيما استشهد من المسلمين أربعة عشر شهيداً، وتحقّق وعد الله لهم بالنّصر على أعدائهم، وكان ممّن قُتل من كبار المشركين؛ أبو جهل، وأميّة بن خلف، وحنظلة بن أبي سفيان، وغيرهم.

الرسول يستشير أصحابه

وأخذ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مشورة أصحابه في التّصرّف في الأسرى، فكان رأي أبو بكر -رضيَ الله عنه- أخذ الفدية، ورأي عمر -رضيَ الله عنه- قتلهم، لكن لم يكن الأمر بالقتل مشروعاً حينها، فوقف رسول الله موافقاً لرأي أبي بكر، لكن الآيات تنزّلت بعد ذلك بموافقة رأي عمر -رضيَ الله عنه.

قال الله -تعالى-: (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكونَ لَهُ أَسرى حَتّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُريدونَ عَرَضَ الدُّنيا وَاللَّـهُ يُريدُ الآخِرَةَ وَاللَّـهُ عَزيزٌ حَكيمٌ*لَولا كِتابٌ مِنَ اللَّـهِ سَبَقَ لَمَسَّكُم فيما أَخَذتُم عَذابٌ عَظيمٌ).

 كما نزلت الآيات توضّح تقسيم الغنائم في قول الله -تعالى-: (وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّـهِ وَما أَنزَلنا عَلى عَبدِنا يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ وَاللَّـهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ).

عاجل