رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

وزير الري: الدول العربية تشهد تحديات كبيرة لتحقيق التنمية المستدامة

نشر
 محمد عبدالعاطي
محمد عبدالعاطي

أكد الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري، وجود تحديات كبيرة تشهدها الدول العربية في سبيل تحقيق خطة التنمية المستدامة 2030؛ خاصة أن المنطقة العربية تعد من أكثر دول العالم جفافًا، الأمر الذي يتطلب تحقيق المزيد من التنسيق والتعاون بين مختلف الدول العربية في كافة المجالات، خاصة في مجال المياه، الذي يعد أحد ركائز التنمية المستدامة.

جاء ذلك خلال مشاركته، اليوم الاثنين، كمتحدث رئيسي بجلسة (الأمن المائي الحضري من أجل التنمية المستدامة)؛ ضمن فعاليات الأسبوع العربي للتنمية المستدامة في نسخته الرابعة، والمنعقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي.

واستعرض عبدالعاطي، الموقف المائي المصري، مشيرًا إلى حجم التحديات التي يواجهها قطاع المياه في مصر، وعلى رأسها الزيادة السكانية ومحدودية الموارد المائية والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.

وقال إن مصر تعد من أكثر دول العالم التي تعاني من الشح المائي، وتعتمد بنسبة 97% على مياه نهر النيل، وتصل احتياجات مصر المائية لنحو 114 مليار م3/ سنويًا يقابلها موارد مائية لا تتجاوز الـ60 مليار م3/ سنويًا بعجز يصل إلى 54 مليار م3/ سنويًا، ويتم سد هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام المياه، واستيراد محاصيل زراعية بما يعادل نحو 34 مليار م3/سنويًا.

وأضاف أن 40 مليون فرد في مصر يعتمدون على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، ويصل نصيب الفرد من المساحات الخضراء إلى أقل من 40 مترًا مربعًا، ولمواجهة هذه التحديات وضعت الوزارة خطة لإدارة الموارد المائية حتي عام 2037 بالتعاون مع كافة الوزارت المعنية باستثمارات تتجاوز الـ50 مليار دولار من المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار؛ بهدف لتحسين نوعية المياه وتنمية موارد مائية جديدة وترشيد استخدام الموارد المتاحة حاليا وتهيئة البيئة الداعمة لقضايا المياه.

وأوضح أنه تم خلال هذه الخطة تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التي تهدف لزيادة قدرة المنظومة المائية على التعامل مع التحديات المائية بدرجة عالية من المرونة والكفاءة، وتحقيق العديد من الأهداف مثل ترشيد تستخدام المياه، وتعظيم العائد من وحدة المياه، وتحسين إدارة المنظومة المائية.
 

وأشار إلى عملية التطوير الشاملة للمنظومة المائية، والتي تقوم الوزارة بتنفيذها حاليًا، بما ينعكس إيجابيًا على المزارعين بالمقام الأول، وتراجع أعداد الشكاوى المتعلقة بالمياه، مستعرضًا التجربة المصرية الناجحة في تأهيل الترع والمساقي والتي تستهدف تأهيل 20 ألف كيلومتر من الترع، والتي حققت العديد من المكاسب للمزارعين ولمنظومة الري، مثل حدوث تحسن كبير في عملية إدارة وتوزيع المياه، وحسم مشاكل نقص المياه بنهايات الترع.

ولفت إلى أن تأهيل الترع ساهم أيضًا في حصول كافة المزارعين على الترعة على حصتهم من المياه في الوقت المناسب، وتحسين نوعية المياه بالترع مع إزالة الحشائش وامتناع المواطنين بشكل واضح عن إلقاء المخلفات بالترع المؤهلة، ورفع القيمة السوقية للأرض الزراعية بزمام الترعة بعد عملية التأهيل، بالإضافة للتأثير الإيجابي على الصحة العامة واحتواء انتشار الأمراض، بالإضافة للمردود البيئي والجمالي.
 

وأوضح أنه يتم التوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي بهدف تنفيذ مشروعات للتوسع الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي ومواجهة التصحر؛ حيث يصل إجمالي المياه التي يتم معالجتها من محطات بحر البقر والحمام والمحسمه إلى 15 مليون م3/ يوم، التي تساهم في منع تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية وتحسين البيئة بشرق وغرب الدلتا.

وتابع أن المسارين الناقلين للمياه في مشروعي بحر البقر والحمام يشكلان ستارة مياه لتقليل تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية بشرق وغرب الدلتا بأطوال حوالي 120 كم، وأنه بانتهاء مشروعات معالجة وتدوير المياه في بحر البقر والحمام ستصبح مصر أكبر دول العالم في إعادة استخدام المياه، وتصل بعدد مرات التدوير لأربع مرات، مؤكدًا أنه تم تحويل مياه الصرف ذات الملوحة العالية من مشكلة لفرصة للتنمية ومواجهة الاحتياجات المتزايدة.

وأشار إلى تخاذ الوزارة للعديد من الإجراءات لتحقيق الإدارة الرشيدة للمياه الجوفية من خلال استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل طلمبات الآبار وتزويد الآبار الجوفية بالوادي الجديد بخاصية التحكم الذاتي، وتركيب أجهزة رصد وتحكم يتم مراقبتها وتشغيلها أوتوماتيكيًا عن بُعد من غرفة تشغيل مركزية؛ لمراقبة السحب الآمن من الآبار وحساب معدلات الاستهلاك لكل بئر على حدة وتجنب السحب الجائر المخالف للمعدلات المطلوبة، وبما يضمن الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استخدامها وضمان الاستغلال الأمثل للموارد المائية.

وقال إن وزارة الري تقوم بتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى لإعادة تأهيل المنشآت المائية، والحد من الزراعات الشرهة للمياه؛ بالإضافة للاعتماد على التكنولوجيا في العديد من أعمال الوزارة مثل التوسع في أعمال الرقمنة، واستخدام صور الأقمار الصناعية في الإنذار المبكر والتنبؤ بالأمطار وتحديد مساحات الأراضي الزراعية والتركيب المحصولي، واستخدام منظومة التليمتري في قياس المناسيب بالمواقع الهامة بالترع والمصارف.

واستعرض عبد العاطي مجهودات الوزارة بمجال التطوير التشريعي من خلال إصدار قانون الموارد المائية والري الجديد ولائحته التنفيذية، بالإضافة لتنفيذ العديد من البرامج التدريبية للعاملين بالوزارة، وتنفيذ العديد من حملات التوعية بين المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من الهدر والتلوث، وتنظيم العديد من المسابقات خلال أسبوع القاهرة للمياه تشمل المزراعين وطلاب المدارس والجامعات والحاصلين على الماجستير والدكتوراه.

وأشار لقضية التغيرات المناخية والتي تعد من أهم القضايا التي يواجهها العالم في الوقت الحالي؛ نظرًا للآثار الواضحة والمتزايدة للتغيرات المناخية على كافة مناحي الحياة وخاصة التأثيرات السلبية على الموارد المائية، والمتمثلة في نقص كميات المياه والحاجة لإعادة استخدامها أكثر من مرة، الأمر الذي يؤدي لتدهور نوعية المياه، وبالتالي انتشار الأوبئة والجوائح التي يعانى منها العالم.

ولفت إلى أن زيادة الضغط على الموارد المائية المحدودة سيؤدي لانتشار الفقر وتراجع مستوى المعيشة الأمر الذي يمثل بيئة خصبة للجماعات المتطرفة؛ بالإضافة للتأثيرات السلبية الأخرى مثل تراجع الإنتاج الغذائي حول العالم، والتسبب في ارتفاع منسوب سطح البحر والذي يهدد الأراضي المنخفضة حول العالم ومنها دلتا نهر النيل، والتأثير غير المتوقع على كميات الأمطار بمنابع الأنهار الأمر الذي يضع قطاع المياه على رأس القطاعات المتأثرة سلباً بالتغيرات المناخية.
 

وأكد أن الآثار السلبية للتغيرات المناخية أصبحت واقعا نشهده الآن في العديد من الظواهر المناخية المتطرفة التى ضربت العديد من دول العالم وأحدثت فيها خسائر هائلة، وأن 70% من الكوارث الطبيعية في العالم مرتبطة بالمياه مثل الفيضانات وموجات الجفاف وغيرها.

وأضاف أنه نظرًا لهذا الترابط الهام بين المياه والتغيرات المناخية فسوف يتم عقد أسبوع القاهرة الخامس للمياه تحت عنوان "المياه على رأس أجندة المناخ العالمي"، الذى سيتم رفع التوصيات الصادرة عنه لمؤتمر المناخ (COP27)، الذي تستضيفه مصر نوفمبر القادم، والذى يُعد فرصة ذهبية لعرض تحديات القارة الأفريقية بمجال المياه.

وأوضح أن الوزارة تقوم بتنفيذ مشروعات كبرى للحماية من أخطار السيول وحماية الشواطئ المصرية؛ حيث تم خلال السنوات الماضية تنفيذ أكثر من 1500 منشأ للحماية من أخطار السيول، التي أسهمت في حماية الأفراد والمنشآت وحصاد مياه الأمطار التي تستفيد منها التجمعات البدوية بالمناطق المحيطة بأعمال الحماية.

وتابع أنه جارٍ تنفيذ العديد من أعمال حماية الشواطئ لحماية السواحل المصرية من ارتفاع منسوب سطح البحر والنوات البحرية؛ حيث تم تنفيذ الأعمال بأطوال تصل إلى 210 كيلومترات، والعمل في حماية أطوال أخرى تصل إلى 50 كيلومترًا، مع تنفيذ تجارب رائدة في استخدام تقنيات قليلة التكلفة في أعمال الحماية، مثل مشروع حماية الطريق الساحلي الدولي بمحافظة كفر الشيخ. 

وشدد على أن التعاون بين مصر والدول الأفريقية يُعد أحد العلامات البارزة للتعاون المتميز بين الدول والمبنى على أسس من الأخوة وتبادل الخبرات، مشيرًا إلى مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط والذي يهدف لتحويل نهر النيل لمحور للتنمية يربط بين دول حوض النيل، ويشتمل على ممر ملاحي وطريق سريع وخط سكه حديد وربط كهربائي وربط كابل إنترنت لتحقيق التنمية الشاملة لدول حوض النيل.

وأوضح أن هذا المشروع يحقق التكامل الإقليمي ويجمع دول الحوض باعتبار أن النقل النهري بين الدول من أفضل الوسائل القادرة على نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة واستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى مقارنة بوسائل النقل الأخرى وبحيث يتم التكامل مع وسائل النقل الأخرى، مع التأكيد على دور المشروع في دعم حركة التجارة والسياحة بين الدول المشاركة فيما بينها ومع دول العالم.

وتابع أن المشروع يعمل على توفير فرص العمل وتقليل معدل الفقر، وزيادة إمكانية الدول الحبيسة للاتصال بالبحار والموانئ العالمية، وكذلك دعم التنمية الاقتصادية بالبلدان المشاركة وتقوية وضع المنطقة في النظام الاقتصادي العالمي فضلًا عن دعم التعاون والتكامل بين الدول المشاركة بكافة المجالات ، الأمر الذي ينعكس على رؤية المشروع والتي تتمثل في "قارة واحدة - نهر واحد - مستقبل مشترك".
 

من جهته، أشار المهندس حازم الناصر وزير المياه والري والزراعة الأردني الأسبق إلى ما تواجهه الأردن من تحديات مائية بسبب محدودية الموارد المائية والزيادة السكانية ومحدوية التمويل وتأثير التغيرات المناخية على معدلات سقوط الأمطار، الأمر الذي يستلزم العمل على تحسين عملية إدارة المياه وتوفير التمويل اللازم لها وزيادة التوعية بين المواطنين، والتوسع في إعادة استخدام المياه والاعتماد على الطاقة المتجددة في قطاع المياه.

وبدورها، أكدت كارول شوشاني مديرة مجموعة تغير المناخ واستدامة الموارد الطبيعية بلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) أهمية توفير التمويل اللازم لقطاع المياه خاصة مع الضغوط التي يتعرض لها هذا القطاع نتيجة للتغيرات المناخية وما يستلزمه ذلك من توفير المزيد من التمويل وتحقيق المزيد من التعاون بين الدول والاهتمام بالبحث العلمي وتطوير التشريعات، وتحقيق الترابط بين المياه والغذاء والطاقة.

من ناحيتها، قالت آيات سليمان المديرة الإقليمية لإدارة التنمية المستدامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي إن 70% من سكان الشرق الأوسط يعيشون بمناطق حضرية الأمر الذي يمثل ضغطًا كبيرًا على قطاع مياه الشرب والصرف الصحي، وما يستلزمه ذلك من زيادة الوعي المجتمعي، والحاجة لزيادة التمويل بمجال المياه، مع الإشارة لأهمية مؤتمر المناخ القادم COP27 والمزمع عقده في مصر لتوفير التمويل اللازم لقطاع المياه.

ولفتت إلى خريطة الطريق الاسترشادية بشأن تغير المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي وضعها البنك الدولى لتقديم الدعم لدول المنطقة على مدى السنوات الخمس المقبلة للحد من الإنبعاثات والتكيف في مواجهة الوتيرة المتسارعة لتغير المناخ، وتتضمن الخريطة العمل على زيادة الاستثمارات بمشروعات مراعية للمناخ والعمل على إصلاح السياسات، وتبني نهج التنمية الخضراء والعمل على خفض الانبعاثات الكربونية، وذلك بالتوافق مع أهداف "اتفاق باريس" لعام 2015 والمعني بالتدابير الرامية للحد من تأثير تغير المناخ.

وأكد المعتز عبادي مدير قسم المياه في الاتحاد من أجل المتوسط أهمية تطبيق مبادئ الادارة المتكاملة للموارد المائية، خاصة مع تأثيرات التغيرات المناخية السلبية على المياه، مما يستلزم التوسع في تنفيذ مشروعات تحلية المياه وإعادة استخدام المياه مع زيادة التعاون الإقليمي، وتبادل الخبرات والبحث عن تمويل لمشروعات المياه. 

وأشار سامح وهبة المدير العالمي للممارسات العالمية الاجتماعية والريفية والحضرية والمرونة بالبنك الدولي إلى أهمية الاستثمار بمجال التنمية المستدامة ومكافحة الفقر، مع التأكيد على أولوية ملف الإمداد بمياه الشرب مع ضمان نوعيتها المناسبة للاستخدام، والتأثير الواضح للتغيرات المياه المناخية على قطاع المياه.

عاجل