ذكرى رحيل فارس المسرح.. لماذا انقطع كرم مطاوع عن السينما 20 عاما؟

ترتيب الأقدار دائمًا ما يكون مليء بالمفاجآت والمفارقات، فتجده يمنح أشخاصًا ما التميز بلا حساب، فيهيئ لهم الظروف والصدف حتى يعيشوا أبطالاً في الحياة، حتى لو كانت أعمالهم تنحصر في نطاق الدور الثاني، فمن منا يستطيع أن ينسى هذا الشاب خمري البشرة، صاحب العيون الخضراء، الذي عرفه الجمهور لأول مرة بطلاً  أمام الفنانة الراحلة هند رستم، من خلال مشاركته كوجه جديد باسم كرم مطاوع في فيلم سيد درويش.

25 عامًا على رحيل كرم مطاوع

 تحل اليوم الذكرى الـ25 لوفاة الفنان كرم مطاوع، الذي رحل عن عالمنا، بعد رحلة حب وعطاء كبيرة ومميزة ومؤثرة في تاريخ الفن المصري، بدأها -مقلدًا لأفراد أسرته- في طفولته، التي لم تلاحظ موهبته الفنية فأصرت على إلحاقه بكلية الحقوق، حتى يصبح أحد رجال القضاء بعد تخرجه، أو رجل سياسة طبقًا لمفاهيم ومفردات عصره.

حب كرم مطاوع، الذي ولد يوم 7 ديسمبر 1933 للفن كان أقوى من إرادة أسرته، فكانت الأوقات التي يقضيها بمسرح الجامعة أكثر بكثير من الفترة التي يمكث بها بمدرجات كلية الحقوق.

التحق كرم مطاوع بـ المعهد العالي للفنون المسرحية أثناء دراسته بكلية الحقوق، وتخرج في الاثنين معًا في عامًا واحد، وتفوق وحصل على ترتيب الأول على الدفعة، لكن ليست دفعة كلية الحقوق كما كانت تتمنى أسرته، بل أصبح أول دفعة المعهد العالي للفنون المسرحية.

إيطاليا نقطة البداية لكرم مطاوع

حصل كرم مطاوع على بعثة لدراسة الإخراج في إيطاليا لمدة 5 سنوات، نظرًا لتفوقه الدراسي، ودرس في الأكاديمية الوطنية للفنون الدرامية بروما.

شغف كرم مطاوع بالألوان الفنية والثقافية المختلفة دفعه يجوب مسارح وسينمات وأغلب دور الأوبرا في أوروبا، فاطلع على الحركة الفنية في ألمانيا، وزار مسارح فرنسا وإنجلترا، وشاهد عروض الباليه في النمسا.

عاد كرم مطاوع إلى مصر أستاذًا مجددًا مطلعًا مثقفًا في مطلع عام 1964، وعين فور عودته بمعهد الفنون المسرحية، ظهرت موهبته الإخراجية مع أولى مسرحياته التي كانت بعنوان (فرافير)، من تأليف الكاتب الكبير يوسف إدريس، وحققت نجاحًا جماهيرًا كبيرًا وقتها، وبنفس قدر النجاح الجماهيري نالت نصيبًا من النقد الفني.

عطاء كرم مطاوع الفني امتد لبلد المليون شهيد

توالت أعمال كرم مطاوع المسرحية بعد ذلك، أبرزها "الفتى مهران، يس وبهية، شهر زاد، محاكمة رأس السنة، جواز على ورق طلاق"، امتد عطاء مطاوع الفني والأكاديمي إلى بلد المليون شهيد الجزائر، حيث عمل أستاذًا لطلبة المعهد الوطني للفنون الدرامية هناك، وتخرج على يديه الكثير من الفنانين الجزائريين، الذين أصبحوا رودًا للمسرح الجزائري فيما بعد.

وهج ونجاح وتألق كرم مطاوع بالمسرح لم يكن بنفس القدر في السينما، رغم أدواره المميزة على الشاشة الفضية، مثل تجسيده لشخصية الموسيقار سيد درويش في فيلم حمل الاسم نفسه، وكان هذا العمل أول أعمال كرم مطاوع السينمائية.

ترك كرم مطاوع بصمة مميزة في أدوار الثاني، مثل دور السياسي الفاسد في فيلم المنسي مع الزعيم عادل إمام، ودوره في فيلم "إضراب الشحاتين"، لكن يبدو أن السينما لم تستهويه فانقطع عنها ما يقرب من العشرين عامًا.

كرم مطاوع ومقاطعة السينما 20 عامًا

في فترة انقطاع كرم مطاوع عن السينما زاد إنتاجه المسرحي، فظهرت مسرحيات" دنيا البيانولا، اليهودي التائه، السؤال، أوديب، هاملت، خشب الورد، وطني عكا، ليلة مصرع جيفارا، يا بهية وخبريني، شهرزاد، كوابيس في الكواليس، الإسكندر الأكبر، إيزيس".

تولى كرم مطاوع العديد من المهام الفنية بالدولة، بجانب عمله   كأستاذ في معهد الفنون المسرحية عمل أيضًا مديرا لمسرح الجيب، ومديرا للمسرح القومي، والمسرح الغنائي، ورئيسًا للمركز القومي للسينما، وللبيت الفني للمسرح، كما شارك في العديد من الأعمال التليفزيونية، كان أبرزها شخصية الدكتور برهان صدقي الذي جسدها في مسلسل "أرابيسك" مع الفنان الكبير صلاح السعدني.

أصيب الفنان كرم مطاوع في آخر سنوات عمره بمرض السرطان، وسافر إلى الولايات المتحدة لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن فشلت المحاولة بعد تمكن السرطان من أغلب خلايا جسده، فعاد إلى مصر ليستكمل العلاج الذي كان عبارة عن مسكنات للألم ليس أكثر، نقل إلى إحدى مستشفيات القاهرة في أيام عمره الأخيرة، وظلت الفنانة سهير المرشدي رفيقه عمره وزوجته بجواره حتى صعود روحه إلى السماء يوم 9 ديسمبر 1996.

يذكر أن الفنان كرم مطاوع والد الفنانة حنان مطاوع، ابنته من الفنانة سهير المرشدي، وتزوج 3 مرات، المرة الأولى كانت من سيدة إيطالية، تزوجها أثناء دراسته للإخراج في روما، وأنجب منها طفلين، ثم تزوج من الفنانة سهير المرشدي، والزوجة الثالثة كانت الإعلامية ماجدة عصام، وانفصل عنها قبل وفاته بشهر واحد.