رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

بعد مؤتمر جلاسكو.. كيف ستواجه مصر الجفاف المتوقع بسبب التغيرات المناخية؟

نشر
مستقبل وطن نيوز

لا صوت يعلو فوق صوت الحد والتقليل من الآثار السلبية المتوقعة لـ التغيرات المناخية، فأنظار العالم تتجه إلى مدينة جلاسكو الاسكتلندية، تحديدًا للدورة السادسة والعشرين لـقمة المناخ، إذ يجتمع زعماء العالم لإبقاء درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية خلال القرن الحالي.

«مستقبل وطن نيوز» ترصد التأثيرات السلبية المتوقعة على مصر، والبحث عن إجابة للسؤال الأهم كيف تواجه مصر الجفاف المتوقع بسبب التغيرات المناخية؟

ما هي التغيرات المناخية؟

وضعت الأمم المتحدة، تعريفًا لتغير المناخ، هو: «يقصد به التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، قد تكون هذه التحولات طبيعية فتحدث، على سبيل المثال، من خلال التغيرات في الدورة الشمسية، ولكن، منذ القرن التاسع عشر، أصبحت الأنشطة البشرية المسبب الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز».

ينتج عن حرق الوقود الأحفوري انبعاثات غازات الدفيئة التي تعمل مثل غطاء يلتف حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.

ما هي التغيرات المناخية

تشمل أمثلة انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب تغير المناخ ثاني أكسيد الكربون والميثان، تنتج هذه الغازات، على سبيل المثال، عن استخدام البنزين لقيادة السيارات أو الفحم لتدفئة المباني، ويمكن أيضا أن يؤدي تطهير الأراضي من الأعشاب والشجيرات وقطع الغابات إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون.

وتعتبر مدافن القمامة مصدرًا رئيسيًا لانبعاثات غاز الميثان، ويعد إنتاج واستهلاك الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي من بين مصادر الانبعاث الرئيسية.

ما هي تأثيرات تغير المناخ على البشر؟

يمكن أن يؤثر تغير المناخ على صحتنا وقدرتنا على زراعة الأغذية والسكن والسلامة والعمل، البعض منا أكثر عرضة لتأثيرات المناخ، مثل الأشخاص الذين يعيشون في الدول الجزرية الصغيرة والبلدان النامية الأخرى، لقد ساءت الظروف مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وتسلل المياه المالحة إلى درجة اضطرت فيها مجتمعات بأكملها إلى الانتقال، كما أن فترات الجفاف الطويلة تعرض الناس لخطر المجاعة، في المستقبل، من المتوقع أن يرتفع عدد "اللاجئين بسبب المناخ"، حسب تقرير الأمم المتحدة.

تأثير التغيرات المناخية على العالم

هل تتأثر مصر؟

كشفت وزارة البيئة، أن الدراسات أظهرت تغير المناخ في مصر بشكل كبير خلال السنوات الماضية حيث تم دراسة لتوزيعات درجات الحرارة الموسمية في مصر في أعوام 2005، 2025، 2050، 2075، 2100.

وتابعت: «وفقًا للدراسات، فمن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة في جميع الفصول الأربعة، والانتقال من الجنوب إلى الأجزاء الشمالية من مصر، في 100 سنة القادمة مما سوف يؤدي إلي حدوث انكماش في مساحة الأرض الصالحة للزراعة وأيضا حدوث تحول في توقيتات الدورات الزراعية مما سيترتب عليه حدوث تغيير في أنظمة إنتاج المحاصيل والتي ستكون تحت ضغط متزايد لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء في المستقبل».

وأوضحت وزارة البيئة أن ما سبق سيؤدي بالتبعية إلى انخفاض مستويات البروتين في بعض المحاصيل البقولية لهذا قامت الحكومة المصرية بإنشاء المجلس القومي للتغيرات المناخية والذي سوف يقوم بدراسة وإقرار الحلول والمشروعات التي سوف تساهم في الجهود الوطنية للتكيف مع سيناريوهات تغير المناخ المتوقعة.

احتمالية انكماش في مساحة الأرض الصالحة للزراعة في مصر جراء التغيرات المناخية

ما هي التحديات التي تواجهنا؟

تُعد مصر من أكثر الدول التي تعانى من الجفاف في العالم - وفقًا لتصريحات الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري - حيث تُقدر كميات الأمطار المتساقطة على مصر بحوالي مليار متر مكعب سنويًا فقط، وتعتمد مصر بنسبة 97 في المئة على نهر النيل.

جاء ذلك خلال كلمة وزير الموارد المائية والري، في جلسة “المياه.. محور رئيسي في خطط المناخ” والتي تُعد من أهم فعاليات مؤتمر المناخ cop26 المنعقد في جلاسكو بالمملكة المتحدة، وذلك في إطار الرئاسة المشتركة بين مصر وبريطانيا لمبادرة “اتحاد التكيف مع المناخ”.

وأشار عبد العاطي، إلى أن أكبر التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر هو الفجوة بين الموارد والاحتياجات المائية بالإضافة لتزايد الطلب على المياه العذبة خاصة في ظل المشروعات التي يتم تنفيذها بدول منابع النيل بشكل أحادي وبدون التنسيق مع دول المصب، بالإضافة للزيادة السكانية والتأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.

التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر هو الفجوة بين الموارد والاحتياجات المائية

مصر من أكثر دول العالم المتأثرة بهذه التغيرات

وقال الدكتور محمد عبد العاطي: «95 في المئة من مشروعات وزارة الري تعتبر ضمن مشروعات التأقلم والتخفيف من آثار التغيرات المناخية، وأن مصر تعتبر من أكثر دول العالم المتأثرة بهذه التغيرات، لما تمثله من ضغط كبير ليس فقط على المنظومة المائية ولكن على عدد من القطاعات المختلفة والمعتمدة على المياه في مجالات الزراعة والأمن الغذائي والطاقة والصحة بخلاف التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتأثير على السواحل المصرية، ومن أبرز تلك التأثيرات ارتفاع منسوب سطح البحر والسيول الومضية والتأثير غير المتوقع على إيراد نهر النيل».

مشروعات وزارة الري تعتبر ضمن مشروعات التأقلم والتخفيف من آثار التغيرات المناخية

100 مليار دولار للخطة القومية للموارد المائية

وأضاف أنه وللتعامل مع هذه التحديات فقد قامت مصر بوضع الخطة القومية للموارد المائية 2037 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار ومن المتوقع زيادتها إلى 100 مليار دولار، وفى إطار هذه الخطة يتم تنفيذ العديد من المشروعات التي تهدف لتعظيم العائد من وحدة المياه والتأقلم مع التغيرات المناخية مثل إعادة استخدام المياه ورفع كفاءة الاستخدام.

ومنها مشروعات تأهيل الترع والمساقي والتحول للري الحديث وإنشاء محطات معالجة ثلاثية للمياه بطاقة تصل إلى 15 مليون متر مكعب يوميًا منها مشروع محطة مصرف بحر البقر ومحطة الحمام بالإضافة إلى المحطات الأخرى وعددها 430 محطة خلط وسيط، كما تم إنشاء ما يقرب من 1500 منشأ للحماية من أخطار السيول وتنفيذ أعمال حماية للشواطئ بأطوال تصل إلى 120 كيلومتر والعمل في حماية أطوال أخرى تصل إلى 110 كيلومتر.

الخطة القومية للموارد المائية 2037

وقال المهندس محمد غانم، المتحدث باسم وزارة الري، إن ارتفاع منسوب سطح البحر سيستمر في الارتفاع حتى عام 2100؛ مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ خطوات استباقية لتلافي الخسائر البشرية والاستثمارات؛ حتى تتصدى أعمال الحماية للأراضي الكائنة على الشريط الساحلي، مؤكدًا أن ثلث مساحة الدلتا معرضة للغرق بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر.

ثلث مساحة الدلتا معرضة للغرق بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر

كيف تواجه مصر التغيرات المناخية؟

اتخذت الحكومة عدد من الإجراءات الهامة لمواجهة التغيرات المناخية، جاء في مقدمتها إعادة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تشكيل المجلس الوطني للتغيرات المناخية وإصدار القرار رقم 1129 لسنة 2019، ليكون رئيس مجلس الوزراء رئيسًا للمجلس الوطني للتغيرات المناخية وينعقد المجلس برئاسته مرة على الأقل كل عام أو كلما دعت الحاجة إلى ذلك، ويتكون من «اللجنة العليا، المكتب التنفيذي، ومجموعات العمل الفنية»

وتتلخص أهداف المجلس الوطني للتغيرات المناخية، في:

1- رسم السياسات العامة للدولة فيما يخص التعامل مع التغيرات المناخية.

2- العمل على وضع وتحديث الاستراتيجيات والخطط القطاعية لتغير المناخ، في ضوء الاتفاقيات الدولية والمصالح الوطنية والعمل على صياغة وتحديث استراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ.

3- ربط السياسات والاستراتيجيات والخطط الوطنية الخاصة بتغير المناخ باستراتيجية التنمية المستدامة.

4- متابعة ملف المفاوضات الخاصة بالاتفاقية الإطارية لتغير المناخ وما ينبثق عنها من بروتوكولات أو اتفاقيات وما يتعلق بالإبلاغات الوطنية.

5- دمج مفاهيم التغيرات المناخية ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والخطط القطاعية والعمل على توفير التمويل اللازم لتنفيذ تلك الخطط من الموازنات العامة أو أية فرص تمويلية دولية أو إقليمية.

6- زيادة المعارف العلمية والبحوث المنشورة المرتبطة بالتغيرات المناخية ومتابعة تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

7- رفع وعي المسؤولين ومتخذي القرار والجمهور بكل ما يتعلق بالتغيرات المناخية كل فيما يخصه.

8- دمج المفاهيم والمعارف المرتبطة بالتغيرات المناخية داخل مراحل التعليم المختلفة.

9- بناء القدرات المؤسسية والفردية اللازمة للتعامل مع التغيرات المناخية.

10- ضم مهام واختصاصات المكتب المصري والمجلس المصري لآلية التنمية النظيفة لمهام واختصاصات المجلس الوطني للتغيرات المناخية.

الطاقة النظيفة

وتستمر النجاحات المصرية في مجال التحول وتأصيل استخدام المصادر الجديدة والمتجددة للطاقة؛ من خلال تقدمها مرتين متتاليتين خلال عام 2021 في مؤشر جاذبية الدول للاستثمار في الطاقة المتجددة، مما يمثل تأكيدًا على نية مصر التحول لاقتصاد مستدام وأخضر.

مصر تقدمت مرتين متتاليتين خلال عام 2021 في مؤشر جاذبية الدول للاستثمار في الطاقة المتجددة

وتخطط الدولة في استراتيجيتها للطاقة 2035 لوصول نسب تمثيل الطاقة المتجددة من إجمالي الطاقة المولدة في مصر لـ42 في المئة؛ مما يعزز استغلال مصر إمكاناتها كأكبر إمكانات توليد كهرباء من طاقتي الشمس والرياح.

عاجل