رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

رحيل صباح فخري.. أسطورة فنية مزجت بين روح الأندلس وإبداع حلب

نشر
الراحل الفنان الكبير
الراحل الفنان الكبير صباح فخري

غيب الموت اليوم الثلاثاء أسطورة الغناء العربي الفنان الكبير صباح فخري، عن عمر يناهز الـ88 عاماً، وذلك عقب مسيرة فنية دامت لأكثر من نصف قرن تربع خلالها على عرش الغناء العربي التراثي.
اسمه الحقيقي صباح أبو قوس ولد في مدينة حلب في الـ2 من مايو عام 1933، لأب يعلم القرآن الكريم، ما جعله يتقن قراءة القرآن في السادسة من العمر وعلمه الإنشاد الديني، وعندما بلغ العاشرة اكتسب من أصدقاء والده كل شيء من علوم النغمات والأوزان.


وغنى صباح فخري في سن الثانية عشرة، أول موشح وهو "يا هلالا غاب عني واحتجب"، ثم تعلم عزف العود، حتى تعرف على الأديب والشاعر فخري البارودي الذي بهره غناؤه فتبناه فنيا وجعله يلتحق بالمعهد الموسيقي الشرقي، الذي تعلم به الإيقاعات والموشحات وفن غناء القصيدة الأصولي والأدوار والنظريات الموسيقية والإلقاء الغنائي، حتى تلقاه الملحنون فور تخرجه وقدموا له أغاني صافح الجمهور من خلالها، ليتعرف الجمهور على مطرب ناشئ لكنه عظيم اسمه صباح فخري بعد أن تكنى باسم متبنيه الذي حباه بعطفه ورعايته.


وعندما عاد صباح فخري إلى حلب درس في المعهد العربي الإسلامي الذي حصل من خلاله على شهادتي المرحلة الإعدادية والثانوية وفكر باعتزال الفن والتفرغ للعمل التجاري ولكن حبه للموسيقى وانتشار أغانيه وعالم النجومية دفعه ليعود إلى الغناء فكانت بدايته الجديدة عبر شاشة التلفزيون العربي السوري من خلال برنامج الموسيقى العربية سنة 1961 فغنى دور "أصل الغرام نظرة" لمحمد عثمان وقصيدة "قل للمليحة" من ألحانه.
دفع هذا النجاح صباح فخري إلى تقديم وصلات غنائية من عيون التراث فقدم (يا مال الشام) و(يا طيرة طيري) لأبي خليل القباني معيدا لهما بريقهما وألقهما ثم انبرى لتراث الشيخ عبد الرحيم المسلوب وسيد درويش ومحمد عثمان وعمر البطش وزكريا أحمد وأمين الجندي يغرف منهم دون ارتواء ليطفئ به ظمأ الجماهير التي تميل إلى الغناء التراثي.
وبعد أن شارك تمثيلاً وغناء في فيلم الصعاليك مع الثنائي دريد لحام ونهاد قلعي وفي مسلسل الوادي الكبير أمام الراحلة وردة الجزائرية سعت إليه النجومية فانهالت عليه الدعوات من جميع الدول العربية ثم غنى لأبناء المهجر في استراليا والأمريكيتين حيث منحته مدينتا ميامي وديترويت مفتاحهما تقديراً منهما لفنه وأقيم له حفل تكريمي في قاعة روس بمدينة لوس أنجلوس وكرمته كلية الفنون بجامعة كاليفورنيا.
وشغل صباح فخري في مسيرته الفنية مناصب عدة فانتخب نقيبا للفنانين ونائبا لرئيس اتحاد الفنانين العرب ومديرا لمهرجان الأغنية السورية وضرب الرقم القياسي في الغناء عندما غنى في مدينة كاراكاس بفنزويلا مدة 10 ساعات دون انقطاع سنة 1968 وذكرت اسمه موسوعة مايكروسوفت انكارنا كأحد رموز الغناء العربي والشرقي.
أما الأوسمة والتكريمات التي نالها صباح فهي كثيرة ومن أعلى المستويات بدءاً من وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة ووسام تونس الثقافي ووسام التكريم من سلطنة عمان وجائزة الغناء العربي من الإمارات وجائزة مهرجان القاهرة الدولي للأغنية والجائزة التقديرية من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وأسس محبوه في مصر جمعية فنية باسمه سنة 1997.
وتختزل مسيرة صباح فخري تراثاً ضارباً في العراقة يحمل من روح الأندلس وإبداع أبناء حلب وتماهي الإنسان مع هذا الإرث وقدرته ليس على صونه والحفاظ عليه فحسب بل على تطويره وتقديمه بشكل يستهوي جمهور اليوم والغد.

عاجل