رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

جمال الغيطاني.. المراسل الحربي ابن الجمالية الذي أمتع الرئيس السيسي بأحاديثه الوطنية

نشر
جمال الغيطاني
جمال الغيطاني

بين أحضان أحياء القاهرة القديمة، نشأ الروائي والصحفي  جمال الغيطاني، وتحديدًا في حي الجمالية العريق، الذي جاء له  جمال الغيطاني طفلاً مع أسرته القادمة، من قرية جهينة بمحافظة سوهاج.

وبمناسبة ذكرى رحيله، التي تحل اليوم، عاش جمال الغيطاني  المولود 9 مايو 1945، في منطقة الجمالية مدة 30 عامًا، تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة عبد الرحمن كتخدا، وانتقل لمدرسة محمد علي في المرحلة الإعدادية، ثم انتقل في المرحلة الثانوية إلى مدرسة العباسية الثانوية الفنية التي درس بها 3 سنوات في قسم فن صناعة السجاد والصباغة.

تخرج جمال الغيطاني عام 1962، ولم يكن في مخططاته أن يمتهن مهنة الصحافة، عقب تخرجه عمل في المؤسسة العامة للتعاون الإنتاجي رساما للسجاد الشرقي، ومفتشا على مصانع السجاد الصغيرة في قرى مصر.

جمال الغيطاني 

عمل جمال الغيطاني في صناعة السجاد اليدوي، أتاح له زيارة معظم أنحاء ومقاطعات مصر في الوجهين القبلي والبحري، استمر بالعمل بالمؤسسة حتى عام 1965.

اعتقل جمال الغيطاني عام 1966 بتهمة الانتماء لتنظيم ماركسي سري، وأمضى 6 شهور بالسجن، وأطلق سراحه في مارس 1967، بعد الإفراج عنه عمل سكرتيرا للجمعية التعاونية المصرية لصناع وفناني خان الخليلي، واستمر في هذه الوظيفة حتى عام 1969، وأتاحت له تلك الوظيفة معايشة الطبقة العمالية عن قرب، والتعرف على أسرار جميع صانعي الحرف اليدوية في مصر.

موعد جمال الغيطاني مع العمل في بلاط صاحبة الجلالة، كان بعد صدور كتابة الأول، فعرض عليه محمود أمين العالم المفكر الشهير، الذي كان رئيسًا لمؤسسة أخبار اليوم الصحفية حينها، الانتقال للعمل معه كصحفيٍ.

الروائي جمال الغيطاني

بدأ الروائي جمال الغيطاني عمله الصحفي كمراسل حربي لمؤسسة أخبار اليوم على جبهة القتال المصرية أثناء حرب الاستنزاف، بطولات رجال القوات المسلحة المصرية على جبهات القتال، خاصة في حرب أكتوبر 1973، كان محفز ودافع لجمال الغيطاني أن يتفرغ للعمل الصحفي، وتحديدًا تغطية بطولات القوات المصرية، وظل يعمل مراسلاً عسكرياً لصحيفة الأخبار حتى عام 1975.

لم يتوقف عمل جمال الغيطاني الميداني، بعد انتهاء حرب أكتوبر 1976، بل امتد لمناطق الصراعات في الشرق الأوسط، فزار بعض مناطق صحراء الشرق الأوسط، مثل شمال العراق عام 1975، ولبنان 1980، والجبهة العراقية خلال الحرب مع إيران عام 1980- 1988.

وانتقل جمال الغيطاني في عام 1974، للعمل في قسم التحقيقات الصحفية، وبعد 11 عاما، تحديدًا عام 1985، تمت ترقيته ليصبح رئيسا للقسم الأدبي بأخبار اليوم، ثم رئيسا لتحرير "كتاب اليوم" السلسلة الشهرية الشعبية، ثم رئيسا لتحرير أخبار الأدب مع صدورها عام 1993، وظل جمال الغيطاني يشغل هذا المنصب حتى وفاته في 18 أكتوبر 2015.

روايات جمال الغيطاني عن حرب أكتوبر 1973

المتاعب الصحية لجمال الغيطاني، بدأت منذ عام 1996 بعد تغيير شريانين بالقلب، وفي يوليو 2007 خضع لجراحة قلب مفتوح في أمريكا، لتغيير الصمامين الأورطي والميترالي، فضلاً عن تغيير الشرايين الذي أستبدلهما من قبل، وظل يعاني جمال الغيطاني من مشاكل في القلب حتى وفاته.

صدر أول كتاب لجمال الغيطاني عام 1969، "أوراق شاب عاش منذ ألف عام"، متضمنا لخمس قصص قصيرة، كتبت كلها بعد نكسة 1967، لاقى الكتاب ترحيبا واسعا من القراء والنقاد حينها، منذ يوليو 1963 وحتى فبراير 1969 نشر عشرات القصص القصيرة في الصحف والمجلات المصرية والعربية، كما نشر قصتين طويلتين، الأولى بعنوان "حكايات موظف كبير جدا"، في المحرر اللبنانية عام 1964، والثانية "حكايات موظف صغير جدا"، نشرت في مجلة "الجمهور الجديد" عام 1965.

قام جمال الغيطاني بنشر ما يقدر بـ50 قصة قصيرة، إلا أنه من ناحية عملية بدأ الكتابة مبكرا، إذ كتب أول قصة عام 1959، بعنوان نهاية السكير، بدأ النقاد بملاحظته في مارس 1969، عندما أصدر كتابه أرواق شاب عاش منذ ألف عام، واعتبرها بعض النقاد بداية مرحلة مختلفة للقصة المصرية القصيرة.

الأديب جمال الغيطاني

تزوج جمال الغيطاني عام 1975 من الكاتبة الصحفية ماجدة الجندي رئيس تحرير مجلة علاء الدين الصادرة عن مؤسسة الأهرام الصحفية، وأنجب منها محمد وماجدة، التي أسمها على أسم والدتها من شدة حبه لزوجته.

إنتاج جمال الغيطاني الأدبي غزير، من أبرزه "المجالس المحفوظية" التي سجل فيها تفاصيل جلساته مع صديقه القريب جدًا الأديب العالمي نجيب محفوظ، وحراس البوابة الشرقية، متون الأهرام، سفر البنيان، وقائع حارة الزعفراني، الرفاعي، نجيب محفوظ يتذكر، الزيني بركات، خطط الغيطاني، حكايات المؤسسة، ملامح القاهرة في ألف عام.

جمال الغيطاني مع زوجته ماجدة الجندي

ترجمت العديد من أعماله إلى الكثير من اللغات، حصد العديد من الجوائز، عام 1980 حصل على جائزة الدولة التشجيعية، حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وسام الاستحقاق الفرنسي من طبقة فارس عام 1987، جائزة الدولة التقديرية عام 2007، جائزة المعهد العالم العربي عام 2009، جائزة لورباتليون لأفضل عمل أدبي مترجم إلى الفرنسية عن روايته "التجليات" في عام 2005.

أفيش فيلم حكايات الغريب

تحولت العديد من روايات جمال الغيطاني إلى أعمال سينمائية ودرامية، مثل فيلم حكايات الغريب، ومسلسلات حارة الزعفراني، حارة الطبلاوي، خمس نجوم، الزيني بركات، كلام الليل.

كان الروائي جمال الغيطاني محل تقدير كبير على المستويين الشعبي والرسمي، فكان صاحب جماهيرية كبيرة، خاصة بين سكان أحياء القاهرة القديمة مثل الجمالية والحسين والأزهر، كما نال تقدير الملوك والرؤساء، وآخر تقدير رئاسي معنوي لإبداعاته وكتاباته الوطنية التي جسد فيها بطولات الجيش المصري، كان في الندوة التثقفية الأخيرة للقوات المسلحة، الذي حيا فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي المستشار محمد جمال الغيطاني، نجل الروائي الراحل، وقال له: "طبعًا أنت لا تعلم أنه كان صديقا عزيزا عندي الأستاذ جمال، واستمتعت كثيرًا بالحديث معه، والوطنية المتدفقة في أحاديثه، خلي بالك إحنا من منطقة واحدة".  

عاجل