أطفالنا يهزمون إسرائيل بكل الألوان.. نصر أكتوبر أول موضوع في كراسة الرسم

هزيمة إسرائيل أول شيء يفعله الأطفال مع بداية كل عام دراسي جديد. مدرس الرسم يطلب من التلاميذ موضوعا عن حرب أكتوبر، فيتنافس الصغار في إذلال جيش العدو ونقل ملحمة العبور على صفحات كراسات الرسم.

بدبابة تطلق قذائفها باتجاه صدور الصهاينة، وجندي شجاع يرفع العلم المصري فوق تبه عالية من رمال سيناء، وأسود يعبرون قناة السويس على ظهر قوارب مطاطية، وأبطال يفتحون النار على اليهود..  يعبّر طلابنا عن مشاهد النصر التي قام بها جيشنا العظيم في حرب السادس من أكتوبر عام 1973.

يفخر أطفال مصر بما قامت به القوات المسلحة من بطولات على رمال سيناء.. يبدعون فنهم بحماسة وكأنهم جنود على أرض المعركة، إذا رسموا مروحية حربية تحلق في الجو وهي تمطر الأعداء بالموت فإن آذانهم تسمع أزيز الطائرة وصوت انفجار القنابل على الرمال وصراخ الجنود الصهاينة الجبناء وهم يحاولون الفرار من نيران تحاصرهم من كل اتجاه.

وعندما يرسمون جنديا مصريا يمسك بيده العلم فإنهم يصيحون معه: الله أكبر ويشاهدون العلم يرقص رقصة النصر في سماء زرقاء صافية تفتح أبوابها لدعاء الصائمين وتحقق أمنياتهم وتهديهم الفرحة.
لا يوجد طفل في مصر لم يرسم لوحة النصر على كراسة الرسم.. جميعنا  أدى التحية – وما زال يؤديها - لجيش ضحى بكل ما يملك من أجل وطن يستحق التضحية.. على صفحات كراسة الرسم يسقي الأطفال مرّ الهزيمة لإسرائيل.. ويستعيدون طعم النصر.. يستنشقون عبير الكرامة والبطولة ويبدعون فنهم ويطلقون العنان لمواهبهم.

منذ نصر أكتوبر 1973 فإن موضوع "6 أكتوبر" هو أول موضوع يقرر على تلاميذ التعليم الأساسي مع بداية العام الدراسي، أما الملاحظ فإن رسومات بعض الأطفال لا تخلو من إبداع يبهر كل من يراه.
عندما يبدأ التلميذ في الرسم فإنه يطرح أسئلة كثيرة حول التفاصيل، ومعرفة ما دار خلال المعركة، وأسبابها، والمكان والزمن الذي وقعت فيه، وهو ما يجعلني كمدرس رسم أحكي لهم القصة كاملة، بينما يستمع الجميع في إنصات وتركيز حتى لا تفوتهم كلمة، ثم يبدأون في رسم الموضوع وكل منهم ينقل المشهد الذي احتفظ به في ذاكرته البصرية.

ويساعد التلفزيون الذي يعرض أفلاما حول المعركة بعض التلاميذ في تصويرهم للموضوع، بينما يحاول آخرون تجسيد أحداث المعركة من القصص التي سمعوها من آبائهم في البيوت.

جميع الأطفال تقريبا ينجحون في رسم الدبابة حتى بدون إرشادات من معلم الرسم، إنهم يحبونها لسبب ما وخاصة البنات، أما الرشاش فإن البينين يعرفون كيف ينقلونه جيدا على الورق لأنه لعبتهم المفضلة في العيد.

إن الأطفال حين يرسمون شيئا فإنهم يحتفظون به في الذاكرة، ولذلك فإنهم حين يفعلون ذلك كل عام يضيفون إلى الذاكرة تفصيلة جديدة تكسبهم  خبرة جديدة لمهاراتهم الفنية.

بعض الأطفال وخاصة صغار السن في الصف الأول الابتدائي يرسمون الموضوع وهم يقلدون أصوات الطائرات وانفجار القنابل وصراخ الجنود إضافة إلى هتاف الله أكبر وكأنهم يعيشون داخل معركة حقيقية فضلا عن توجيه الشتائم للجنود الصهاينة.
 

إن اكتشاف الأطفال الموهوبين يبدأ من موضوع نصر أكتوبر باعتباره أول عمل فني ينتجه الطالب في المدرسة، وهو من الموضوعات الصعبة التي تعلم التلميذ الإبداع لأنه غير مطالب بنقل صورة معينة ولكن مشهد يختاره.

كما يقوم الأطفال بعمل جداريات كل عام من خلال الهيئة العامة للثقافة يعبرون فيها عن نصر أكتوبر إضافة إلى رسوماتهم من خلال الورش والمسابقات المختلفة، أما الملاحظ فهو براعة الأطفال في استخدام الألوان ونقل وقائع الحرب على الجداريات بصورة تلفت نظر كل من يشاهدها.

الأعمال الفنية التي قام أطفال مصر بتنفيذها على مدار عشرات السنين حول نصر أكتوبر تكفي لعمل معرض دائم يضم إبداعات الصغار الذين باستطاعتهم إبهار خبراء الفن بما يقومون به من تجسيد للحظات المعركة التي تعيش في وجدان كل مصري وعربي.
 

إن رسم الأطفال لموضوع أكتوبر بمثابة مسابقة سنوية للمواهب التي تفرز لوحات غاية في الجمال والروعة، وتجعل التلميذ الصغير الذي لم يدرس بعد قواعد التشكيل معلما لفنانين كبار بما ينتجه من أعمال فنية تفوق التصورات.

إن حرب أكتوبر قادرة على بث روح النصر للأطفال من خلال ما يرسمونه من لوحات أقل ما توصف به بأنها ملهمة.

مجرد أن يطلب المدرس من التلميذ رسم موضوعا حول حرب أكتوبر فإن الطالب سيبدأ في إشباع فضوله عن تفاصيل الحدث المهم، حتى تكتمل بداخله الصورة التي سينقلها على الورق.