رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

عبد الرحيم كمال: أنا صوفي الهوى.. ومكالمة الرئيس لي كانت التكريم الأكبر | حوار

نشر
عبدالرحيم كمال
عبدالرحيم كمال

- حاولت تغيير الفكر مع مسلسل "الخواجة عبد القادر"

- أول مرة أزور فيها القاهرة أبهرتني إعلانات الشوارع

- يوم اغتيال الشيخ الذهبي تاريخ أورثني رعب وخيفة في نفسي

يمتلك أدوات ومفردات في الكتابة يتفرد بها عن الآخرين، تجعله دومًا محل اختلاف وخلاف، لكن أي كانت وجهة نظرك تجاه ما يكتبه، تجد نفسك في النهاية تشاهد صورة درامية وسينمائية بديعة مكتملة العناصر الفنية، يتخللها جمل حوارية لا يستطيع صياغتها إلا شخص متعدد الثقافات.

مزج الكاتب عبد الرحيم كمال، بين بيئة أعماق الصعيد القادم منه وأضواء وضوضاء المدينة التي آتي لها طفلاً فأرعبته في لحظة الاستقبال التي وقع فيها حادث اغتيال الشيخ الذهبي.

عبد الرحيم كمال الذي يصف نفسه بأنه صوفي الهوى يفتح قلبه وعقله لـ"مستقبل وطن نيوز" في السطور التالية..  

** دائمًا يقال عنك أنك "صوفي".. وحبك للصوفية يظهر في كثير من أعمالك وجملك الحوارية.. فما تعليقك؟

أنا صوفي الهوى، والصوفية في ظني هي الحياة وفق قوانين المحبة الخالصة، وهكذا كان أبي، وهكذا كان موقفي وتصوري للعالم والوجود في كتاباتي، وأحاول في حياتي رغم صعوبة ذلك في الواقع العجيب.

** فيما تفكر عندما تكتب أي عمل جديد؟

رؤيتي تكون تجاه شخصياتي، وقصتي وحكايتي ماذا تريد أن تقول لي حتى أبلغه للناس، وهل ما أقوله يستحق وممتع؟، في كل مرة أكتب فيها تكون لحظاتي الأصعب في الحياة، وكلما زاد العمر والخبرة كلما زادت الصعوبة

** ماذا يحمل عبد الرحيم كمال في عقله وقلبه من ثقافة السبعينيات التي ينتمي لجيلها؟.. ومحافظة سوهاج التي هو أحد أبناءها؟

أنا من مواليد السبعينات، ولست من جيل السبعينات، ومازال تاريخ 7 يوليو 1977، يوما خالدًا في ذاكرتي. يوم دخلت القاهرة مع أهلي لأول مرة وأنا أبن 6 سنوات، مبهورا بإيقاع وأنوار وإعلانات العاصمة، وأيضا مرتبكا من حالة التفتيش التي طالت كل السيارات لأنه اليوم الذي اغتيل فيه الشيخ الذهبي على يد الجماعات الإرهابية، فارتبطت العاصمة في نفسي من لحظتها بالجمال والفن والقلق والرعب

عبدالرحيم كمال في لحظة الكتابة

** الرئيس السيسي دائمًا يطالب المبدعين بتجديد الخطاب على كافة المستويات، وخوض معركة الفكر بكل جراءة، فكيف ستخوض تلك المعركة؟.. وماهي أسلحتك فيها؟

أسلحتي هي إيماني بما أكتب، ومشواري من بداية مسلسل "الخواجة عبدالقادر" كان نحو تجديد الخطاب الروحي، وفي فيلم "الكنز"، وهكذا كان الحال مع مسلسل "شيخ العرب"، ومسلسل "أهو ده اللي صار" كان البحث عن الهوية، أنا مشروع عمري متوافق مع كل ما هو وطني، وليس بشكل توجيهي وطارئ، تلك قناعاتي الشخصية منذ أول لحظة كتبت فيها

** هل يمكن أن نعتبر مسلسل "القاهرة كابول" وش السعد عليك رغم النجاحات والشهرة التي حققتها في أعمالك الدرامية الماضية؟

كل عمل كتبته بصدق، كان وش الخير بشكل أو بآخر، ولكن "كابول" كان شديد الصعوبة، وبمثابة تتويج لمرحلة مهمة في حياتي المهنية، وذلك سر سعادتي به.

** ما هو النجاح الذي لم يتوقعه عبد الرحيم كمال في حياته؟

النجاح الذي كنت أتمناه هو أن تصل حكاياتي للجميع، وتشكل جزءا من ذاكرة عدة أجيال، حينما أقابل إنسانا بسيطا يحكي لي عن قصدي البعيد من جملة حوارية معينة، شاهدها في أحد أعمالي، أ وعن كتاب قرأه لي، لحظتها أشعر بفضل الله علي، وذلك هو حلم الكاتب في ظني.

عبدالرحيم كمال في احد الحدائق 

** ماهي الرسالة التي لم تستطيع قولها للرئيس السيسي وهو يحدثك على الهواء مباشرة؟

مكالمة الرئيس لي كانت التكريم الأكبر، على مدار تاريخي المهني، ولم أكن أطمح في طرح الأسئلة عليه، لكنني كنت سعيدا جدًا بالاستماع له، كان الأهم لحظتها هو الاستماع لرجل على رأس السلطة يخبرني أنه يحترم الفن والكتابة، ويدعم كتابتي، ومكالمة الرئيس ليست رسالة لي وحدي، ولكنها للمهنة نفسها، والكتابة، والفن، وتفتح لنا الأبواب لكي نحلم، فماذا أسأل أنا بعد كل تلك الإجابات التي عشت أحلم بها، إنه ليس وقت الأسئلة، ولكن وقت العمل، هذا ما يريده الرجل المحترم مننا كما يعمل هو 24 ساعة من أجل بلد عظيم تحبه ويحبها.

** قبل تفجير الأوضاع في "كابول".. كتبت المسلسل الذي عرض برمضان الماضي "القاهرة كابول".. فهل لديك مهارة في قراءة المشهد الدولي.. أم أنها صدفة أدبية فنية جميلة؟

ليست مهارة وليست أيضا صدفة، ولكن الكاتب أحيانا يوفق في قراءة جيدة للعناصر التي يكتب عنها، فيأتي المستقبل متوافقا مع رؤيته وقراءته، وذلك هو الفارق بين الكاتب والسيناريست، فالكاتب ليس مجرد شخص يصوغ الحكاية في صورة سيناريو، لكنه يحمل وجهة نظر وتحليل وتصور ما يحكيه للجمهور.

** متى كانت أخر مرة أجرى فيها عبدالرحيم كمال مراجعات فكرية لنفسه؟.. وعن ماذا؟

المراجعات الفكرية والروحية منهج العقلاء، أنا أراجع نفسي كل فترة في كل شيء، حتى في مفهوم الدراما والأدب والتاريخ والزمن وفلسفة الوجود، إننا في عصر يراجع فيه الإنسان المنوط بتقديم وجهة نظر للناس كل لحظة، وكل ثانية فهذا فعل خطير جدا، الكاتب كراكب الأسد، وكالماشي على حبل رفيع بين حبلين أسفلهما نار موقدة، يحتاج قبل كتابة كل حرف أن يختبره، ويختبر نفسه معه، وهدف كل فنان أن يكون صادقا وقادرا على التواصل والتغيير يأتي من تلك المصداقية، المبدعون ليسوا موكلين إلا بتحريك الماء الراكد.

عبدالرحيم كمال مبتسمًا

** حدثنا عن أصعب ظرف مررت به في حياتك؟

أصعب ظرف هو فقد الأحباب، وآخرهم رحيل أخي محمد شقيق روحي بيني وبينه عامان ونصف فقط، فقده افقدني توازني، ومازلت أعاني من رحيل الأحباب، ففقدانهم بمثابة ضياع كل شيء حلو في حياتك، ولكن الله يهب الصبر.

** هل ينتابك القلق من حدوث بعض المتغيرات في سلوك المصريين؟

ما يقلقني، هو التغيير الذي يمس اصل الشخصية المصرية، وذلك في ظني لم يحدث بالكامل، المصري قديم والهجوم عليه ومحاولة النيل من حكايته وشخصيته متواصلة،  لكنها أيضا صعبة، فنحن أقدم سكان الكوكب، ولدينا ما هو راسخ وقوي، وذلك ما ينقذنا وقت المحن، وفد علينا الكثير بالغزو والاحتلال،  بالإضافة إلى محاولات الغزو الفكري والديني والثقافي التي تعرضنا لها مرات ومرات، لكن المعدن الأصيل للشخصية المصرية ينقذنا عند نقطة معينة، ويتراجع الخبيث، ويمكث الطيب، هنا هزم المغول، وتحول الأزهر الذي بناه الفاطميين ليكون مركز ديني شيعي إلى مركز ديني سني، ونحول هزيمة يونيو 67 إلى نصر أكتوبر 73،  دائمًا يتملكني شعور داخلي يشعرني بالطمأنينة تجاه تركيبة وعمق الشخصية المصرية

** ماذا ينتظر عبد الرحيم كمال على المستوى الأدبي والفني؟

 أعيش الآن مع ردود أفعال القراء والنقاد، حول روايتي الأخيرة "أبناء حورة"، وهي حلم قديم يتحقق، وهذا يجعلني في غاية السعادة من رد الفعل ولله الحمد.

صورة لأعمال عبدالرحيم كمال

** هل لديك حلم وتتمنى تحقيقه في يوم من الأيام؟

أتمني لمصر فنًا أرقى، يليق بها كبلد عظيم قديم، صاحب فنون كبرى، ويجعلها في وضع أفضل على كل المستويات، وخصوصا الفن لأنه همي ومهنتي، مصر تستحق أفضل مما هي عليه مئات المرات، وأنا متفائل جدا بها ولها.