تحية كاريوكا.. تزوجت يهودي وتلقت «هدية السماء» بتوصية من الشعراوي

عندما بلغت عامها الـ80، أصيبت بأزمة حادة في الجهاز التنفسي، نقلت على إثرها إلى معهد ناصر، وهناك أعلن القدر لحظة رحيل الفنانة  تحية كاريوكا يوم 20 سبتمبر 1999، إنها تحية كاريوكا، التي اشتهرت بالعديد من المواهب الفنية، أهمهم إتقان الرقص الشرقي، والتمثيل السينمائي. 

الرقص الشرقي كان بوابة تحية كاريوكا لدخول عالم الفن، الذي احترفته بمهارة، وأصبحت أحد أيقونته، حتى إن لقبها "كاريوكا" نالته بعد أن أدت عام 1940 في حفلة شهيرة بالقاهرة رقصة الكاريوكا البرازيلية الشهيرة ببراعة شديدة، فأطلقت عليها الصحافة وقتئذ هذا اللقب.

تعلمت الرقص على بديعة مصابني

دون أسباب واضحة قررت تحية كاريوكا صاحبة المدرسة الخاصة في الرقص الشرقي، القائمة على الهرمونية الشرقية القديمة، في منتصف خمسينيات القرن الـ20 اعتزال الرقص الشرقي، التي تعلمته على يد "أسطوات المهنة" كما يقال، وأبرزهن سعاد محاسن، وبديعة مصابني.

الفن يجري في عروق تحية كاريوكا جريان الدم في شاريين الجسم، واعتزلت الرقص الشرقي لتبدأ مرحلة جديدة في حياتها باحترافها التمثيل، وتقديم بطولة أعمال سينمائية مسجلة كعلامات مميزة في تاريخ السينما المصرية.

مزيج غريب يبدو كأنه غير متجانس كون شخصية تحية كاريوكا، فهي الراقصة الشرقية، والمؤدية البارعة، والممثلة المتميزة، وأيضًا السياسية الوطنية المحبة لتراب هذا الوطن، فكان لها نشاط سياسي أوصلها للسجن أكثر من مرة، منهم مرة بسبب تقدميها المساعدة للرئيس أنور السادات في فترة نضاله ضد الإنجليز، وهروبه منهم.

اسمها الحقيقي بدوية محمد كريم

بدوية محمد كريم النيراني، الشهيرة بتحية كاريوكا، ميلادها كان يوم 22 فبراير 1919، بمدينة الإسماعيلية، وظهر اسمها لأول مرة على الشاشة الفضية عام 1935، عندما ظهرت بدور راقصة في فيلم "الدكتور فرحات".

عام 1939 بدأت تحصل مساحة أدور أكبر، اتضح هذا في فيلم"أجنحة الصحراء"، بطولة الفنان حسين صدقي والفنانة راقية إبراهيم، خطوة التمثيل الأهم كانت في فيلم "أحب الغلط" إنتاج شركة الشباب التي أسستها مع المخرج حسين فوزي، والفنان حسين صدقي، واتبعته بـ4 أفلام روائية.

أعمالها السينمائية تخطت 130 فيلمًا

تخطت أعمال تحية كاريوكا 130 فيلمًا، أبرزها "لعبة الست" إلى جانب نجيب الريحاني، و"شباب امرأة" مع شكري سرحان وشادية، و"خلي بالك من زوزو" مع سعاد حسني وحسين فهمي، كما شاركت سعاد حسني أيضًا فيلم"الكرنك" بجانب نور الشريف وفريد شوقي وكمال الشناوي ومحمد صبحي.

المخرج العالمي يوسف شاهين كان معجب ومقتنع بموهبة تحية كاريوكا بشكل كبير، فأسند لها أدوار بمساحات كبيرة في فلميه "الوداع يابونابرت" و"إسكندرية كمان وكمان"، ولا أحد ينسى أدورها في أفلام "السقا مات، السكرية، الطريق، سمارة".

"هي وهو" أشهر أعمالها الدرامية

على الشاشة الصغيرة، سجلت تحية كاريوكا حضورًا مميزًا، من خلال مسلسلات"هي وهو" مع أحمد زكي وسعاد حسني، و"متى تبتسم الدموع"، و"عصر الحب"، و"دموع الشموع".

بصمة  تحية كاريوكا في المسرح كانت حاضرة بقوة أيضًا، فشاركت في مسرحيات"روبابكيا، يحيا الوفد، حضرة صاحب العمارة"، هذا بخلاف تعاونها المسرحي المميز مع الفنان إسماعيل ياسين، كما أسست فرقة مسرحية مع زوجها السابق فايز حلاوة.

فشلت في الوصول للعالمية فعادت للمحلية

كاريوكا كانت مشروع فنانة عالمية، فنجما هوليوود فيفيان لي، وجاك بيني عندما زارا مصر أبهرتهما موهبة تحية كاريوكا. 

وفي عام 1944 زارت النجمة الأمريكية آن شيريدن القاهرة، وعرضت على كاريوكا السفر إلى هوليوود، لكنَّها رفضت، وفي العام التالي وقَّعت عقدًا مع شركة “Fox” الأمريكية لمدة 5 سنواتٍ، لكنها لم تُوفَّق في أمريكا فعادت إلى مصر عام 1947.

مساعدة الرئيس أنور السادات في الاختباء من الإنجليز، لم يكن العمل الوطني الوحيد لكاريوكا، حيث قادت حملة لجمع التبرعات أثناء العدوان الثلاثي علي مصر، وأفلامها في فترة سبعينيات القرن الماضي أخذت طابع سياسي، انتخبت في عام 1981 نقيبًا للممثلين.

تزوجت 14 مرة أشهرهم رشدي أباظة

اشتهرت  تحية كاريوكا بحبها لجمع اللوحات الفنية، واقتناء التحف النادرة، والحب بإخلاص لكل شخص تزوجته، ووصلت عدد زيجاتها لـ14، كان أشهرها الفنان رشدي أباظة الزوج الوحيد التي تمنت الإنجاب منه، والمخرج فطين عبد الوهاب، والمطرب محرم فؤاد، ومصطفى كمال صدقي، وحسن حسين، عبد المنعم الخادم، الفنان أحمد سالم، والطيار الخاص بالملك فاروق حسين عاكف.

من زيجات تحية كاريوكا التي أثارت جدلاً كبيرًا، زواجها من الضابط الأمريكي اليهودي ليفي، التي انتقلت معه إلى مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، فكثُرت الأقاويل والشائعات حولها في مصر، مع أنها أكَّدت أن ليفي قد أعلن إسلامه قبل زواجهما.

انضمت تحية كاريوكا للفكر الشيوعي فكرًا وتنظيمًا من خلال الانضمام لتنظيم "حدتو"، لديها طفلة بالتبني وجدتها على باب شقتها، وسألت الشيخ محمد متولي الشعراوي: ماذا تفعل بها؟، فطلب منها رعايتها وقال لها: "هذه هدية السماء لك"، وقبل أن تموت أوصت الفنانة فيفي عبده برعايتها وتربيتها.