في الذكرى الـ15 لرحيل صاحب نوبل.. ابنة نجيب محفوظ تهاجم الحرافيش

15 سنة على رحيل وفناء الجسد؛ لكن أفكاره وكتاباته التي امتعنا بها طوال حياته خالدة في أذهاننا إما عن طريق رواية قرأناها، أو في صورة لفيلم عشنا مع قصته، فكل عمل عليه اسم الكاتب العربي الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل في الأدب نجيب محفوظ هو تحفة فنية وأدبية.

الحديث عن نجيب محفوظ يحتاج لصفحات وصفحات، ويمكن أن تناقش حوله رسائل دكتوراه أيضا؛ لكن يبقى الفصل الأهم والأخير في حياة الأديب العالمي، يوم الرحيل كيف كان؟ وهل كانت هناك وصية محدده تركها صاحب نوبل لزوجته وبناته؟

أم كلثوم نجيب محفوظ الابنة الصغرى لزعيم الحرافيش، الاسم الذي أطلقه الفنان أحمد مظهر على مجموعة أصدقاء وتلاميذ محفوظ الذين اعتادوا لقاءه بشكل دوري أسبوعي، وكان مظهر أحد أبرز أعضاء مجموعة الحرافيش قالت لـ"مستقبل وطن نيوز": "أبي كان أطيب وأحب أب في الدنيا.. رغم كل الأضواء التي كانت حوله إلا أنه كان يحاول ألا يزعجنا في البيت بقوتها، وصخب حياة الشهرة".

تتذكر ابنة الأديب العالمي طفولتها هي وأختها فاطمة التي توفيت عام 2017 بعد صراع مع المرض، ودفت بجوار والدها بمقابر العائلة بطريق "القاهرة- الفيوم" قائلة: "كان يسمح لنا أبي بالجلوس في غرفته الخاصة، وعلى مكتبه نذاكر دروسنا"، وعندما يدخل ويجدنا نجلس نعبث بأوراقه يتركنا نكمل لعبنا، وفي كثيرمن الأحيان كان يجلس يلعب معنا".

وتابعت:"أبى كان يحب الضحك و"الهزار"، هكذا وصفته ابنته أم كلثوم، مشيرة إلى أن:" أكثر شيء كنا لا نحبه في شخصيته هي الالتزام الصارم بروتين ومواعيد يومه المقدسة، بدءا من موعد الاستيقاظ، وقراءة الصحف، وممارسة رياضة المشي يوميا لمدة ساعة كاملة، طبعا التمسك بالتدخين كان يزعجنا، ونطالبه بالتوقف عنه، لكنه كان يحب تلك العادة للأسف".

بعد رحيل الأديب العالمي نجيب محفوظ، هناك بعض الأشياء التي أحزنت ابنتي صاحب نوبل فاطمة وأم كلثوم، وهى الحديث في أمور غير صحيحة عنه من قبل الأديبين الكبيرين يوسف القعيد، ومحمد سلماوي، واللذين كانا من أقرب المقربين من نجيب محفوظ.

وأوضحت أم كلثوم: "كلما حاولنا الظهور إعلاميا لتوضيح ما يقوله سلماوي، ويكتبه عن والدي لتصحيح الصورة كان يحاربنا لمنع ظهورنا"، وحول طلب إيضاح أم كلثوم نوعية الكتابات التي كانت تضايقها من الكاتب محمد سلماوي قالت: "غير متذكرة الآن.. لكنها أمور كثيرة".

تعود أم كلثوم مرة أخرى لتذكر يوم الرحيل فتقول: "ليلة 30 أغسطس 2006 كنت أنا وأختى ووالدتي نزور والدنا بالمستشفى، وبعد طلب الأطباء مغادرتنا غرفة العناية المركزة لانتهاء الزيارة نظر والدي لوالدتي من خلف الزجاج، وأشار لها بيده علامة تعبر عنه يريد أن يقول لها أنا راحل"، بالفعل في صباح اليوم الثاني وجدنا المستشفى تتصل بنا وتخبرنا بالنبأ المفجع.

كتب نجيب محفوظ منذ ثلاثينات القرن العشرين، واستمر حتى 2004 تدور أحداث جميع رواياته في الحارة المصرية، ويُصنف أدب بالأدب الواقعي، و يُعد أكثر أديب عربي نُقلت أعماله إلى السينما والتلفزيون. 

وُلد الأديب العالمي فى حي الجمالية في 11 ديسمبر 1911، كان نجيب محفوظ أصغر إخوته، كان محفوظ عمره 7 أعوامٍ حين قامت ثورة 1919، والتي أثرت فيه وذكرها فيما بعد في" بين القصرين" أول أجزاء ثلاثيته. 

التحق محفوظ بجامعة القاهرة في 1930، وحصل على ليسانس الفلسفة، وشرع بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية، ثم غير رأيه وقرر التركيز على الأدب. 

بدأ نجيب محفوظ ينشر قصصه القصيرة في مجلة الرسالة ، وفى عام 1939 نشر روايته الأولى عبث الأقدار التي تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية، ثم نشر كفاح طيبة، ورادوبيس منهيا ثلاثية تاريخية في زمن الفراعنة. 

استخدم محفوظ الواقعية النفسية في رواية السراب، ثم عاد إلى الواقعية الاجتماعية مع بداية ونهاية، وثلاثية القاهرة فيما بعد ثم اتجه إلى الرمزية في رواياته " الشحاذ، وأولاد حارتنا" والتي سببت ردود فعلٍ قوية، وكانت سببا في التحريض على محاولة اغتياله، ثم اتجه في مرحلة متقدمة من مشواره الأدبي إلى مفاهيم جديدة كالكتابة على حدود الفنتازيا كما في رواياته " الحرافيش، ليالي ألف ليلة". 

عُرف عن الأديب نجيب محفوظ، ميله الشديد لعدم السفر إلى الخارج، لدرجة أنه لم يحضر لاستلام جائزة نوبل، وأوفد ابنتيه لاستلامها، ومع ذلك فقد سافر ضمن وفد من الكتاب المصريين إلى كل من اليمن، ويوغوسلافيا في مطلع الستينيات، ومرة أخرى إلى لندن لإجراء عملية جراحية في القلب عام 1989.

شغل محفوظ العديد من المناصب الوظيفية الحكومية منصب سكرتير برلماني في وزارة الأوقاف في 1938، وحتى 1945 كما شغل منصب مدير مؤسسة القرض الحسن في وزارة الأوقاف حتي 1954 وشغل منصب مدير مكتب وزير الإرشاد، ثم منصب مدير الرقابة على المصنفات الفنية في وزارة الثقافة، ثم تقاعد بعدها ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام. 

توفى نجيب إثر قرحة نازفة بعد عشرين يوما من دخوله مستشفى الشرطة في حي العجوزة، وكان قبلها قد دخل المستشفى في شهر يوليو من العام نفسه لإصابته بجرح غائر في الرأس؛ إثر سقوطه في الشارع.