رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

المفتي: الرئيس السيسي أكد لعلماء الإفتاء في العالم الحاجة لتجديد ديني منضبط

نشر
مستقبل وطن نيوز

أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، ناقش مع علماء الإفتاء في العالم عددا من القضايا المختلفة، من بينها تجديد الخطاب الديني، بما يحفظ على الأمة والمسلمين هويتهم، والحفاظ على الثوابت وجعل الإسلام يتحرك من خلال متغيرات ومن اجتهادات، مؤكدًا أن الرئيس يريد تجديدًا دينيًا منضبطًا.
وأضاف مفتي الجمهورية- في تصريحات الليلة- أن الأقطاب الإفتائية العالمية بعد حضور لقاء الرئيس، خرجوا من اللقاء بانطباع عالي المستوى لمناقشة الأفكار عندهم وعند الرئيس، مشيرًا إلى أن النقاش كان هادفًا للغاية، وأن الرئيس يدعو إلى تجديد ديني منضبط.
وقال إن الدار تتبع مدرسة الاجتهاد ولا تقف عند الموروث فقط، بل تتبع ضوابط معينة هذا الموروث احتواها وهناك قضايا عديدة جدًا في الواقع ليست موجودة في الزمن السابق، لذلك فإن العقل الفقهي سيظل في حلقات نورانية متواصلة مربوطًا بالمنهج الذي ورثناه، ولا يرتبط بقضايا جزئية بقدر ما نرتبط بكيف عالج الفقيه السابق قضاياه في واقعه وفي زمنه.
وأضاف أنه إذا أدركنا هذا الشق نستطيع ألا نقف عند حدود الفتاوى السابقة، مؤكدًا أن بعض الفتاوى ينبغي أن تظل حبيسة زمنها، وعلينا أن نلجأ إلى المناهج والأصول مع مراعاة تغير الزمن وتحرك العقل الفقهي لاستيعابه بصورة منضبطة وفهم رشيد للنص الشرعي، مشددًا على أهمية عدم فصل العقل والتفكير عن أي جزئية من جزئيات الفتوى، مشيرًا إلى أن الفتوى تتألف من ثلاثة أجزاء وعمادها العلم، والعلم لا يمكن أن يكون إلا في إطار عقل منضبط.
وأوضح مفتي الجمهورية أن من له حق الفتوى، هو الشخص الذي استجمع عناصر العملية الإفتائية التي تتكون من ثلاثة أجزاء الأول وهو أن يكون مدركًا لحقيقة النص الشرعي والأدلة المنبثقة عنه بكافة التفاصيل، فيحتاج إلى تكوين علمي حقيقي، وأن يكون مر عليه زمن كما يقول الإمام الشافعي رحمة الله عليه، بمعنى أن يكون لديه بنية علمية أساسية معتمدة ومر على شيوخ العلم، ومدارسة العلم على مدى طويل من الزمن، وفي التعريف المعاصر هو أن يكون التحق بالمؤسسات التي تعني بتكوين العلماء الذين سيتصدرون المشهد الإفتائي، وهذا يستغرق أكثر من 15 عامًا.
وأشار إلى أن الجزء الثاني من عملية الفتوى، والذي يأتي بعد التكوين العلمي هو التأهيل الإفتائي أو الدعوى وهو لغة العصر الآن، فالفتوى صنعة كما قال المالكية ومعنى كون الفتوى صنعة أنه لا بد لها من التأهيل الدقيق على يد شيوخ العلم في هذا المجال، لافتًا إلى أن الركن الثالث من أركان الفتوى، يتمثل في عملية الربط بين التأهيل الإفتائي وبين الفهم والتكوين وكيف نجعل هذا النص والفهم الذي تكون من علوم النص الشرعي يتحرك في أرض الواقع تحركًا دقيقًا متفقًا مع مقاصد الشرع الشريف، مؤكدًا أن الفتوى لا بد أن تحقق هذا المقصود وتراعي كافة المقاصد الشرعية الخمسة.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن المستفتي عليه أمانة في عنقه وهي اللجوء إلى أهل الاختصاص الدقيق للتحري في هذه المسألة، وهنا يأتي دور المفتي للاجتهاد وبذل ما عليه من جهد في فهم الواقع وفهم النص الشرعي وتنزيل هذا النص إلى هذا الواقع المتغير.
وفي سياق متصل، قال مفتي الجمهورية إن الانضباط في تحقيق مصلحة المستفتي بعيدًا عن التحزب المذهبي أمر محمود، فالمدارس المختلفة للفقهاء جميعها ترجع إلى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ويبقى علينا عند معالجة قضايا الناس أن نبحث عن الاجتهاد بما ييسر على الناس وهذا هو المراد، وقال صلى الله عليه وسلم: "ما جعلنا عليكم في هذا الدين من حرج" كما قال: "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين"، وجلب المصلحة ودرء المفسدة هو عنوان الشريعة الإسلامية، والفقه الإسلامي المذهب الواحد فيه يغطي كافة الجوانب، وقد نستأنس بمذاهب أخرى غير المذاهب الأربعة، فمصر والأزهر الشريف يستوعب كل الأفكار.
وأشار إلى أن هذا حدث عام 1946 عندما أبدع الفقه المصري بقانون "الوصية الواجبة" التي لم توجد إلا في مصر فقط وقتها ثم بدأت بعض الدول الاقتداء بها، وقد حل هذا القانون الكثير من المشكلات والفقه المصري استأنس بالفكرة عند بعض أهل العلم ولم يأخذ بمذهب بعينه، وجمهور العلماء قالوا إن الوصية ليست واجبة إنما هي مستحبة وإذا لم يوص لا يأثم الإنسان.
وأضاف أنه كان عندنا واقع في هذا الزمان سنة 1946 حيث كان الولد مشاركًا لوالده وجزءًا من تكوين ثروته ولو طبقنا قواعد الميراث ومات الجد وبالتالي الثروة جزء منها كان سيذهب إلى غير المستحقين وكانت تلك ظاهرة مجتمعية في هذا الوقت فأقر الفقه الإسلامي وجوب الوصية وإلزام الورثة بالقانون، ومن ثم لا مانع من الاستئناس بأهل العلم في بعض القضايا.
ولفت إلى أن الوصية الواجبة تتناقض مع قواعد الميراث في تفاصيل كثيرة فالميراث يحجب وهي تعطي، وفهمنا للنص الشرعي هو الذي يجعلنا نوزع الأنصبة توزيعًا عادلًا، وسنلاحظ أن أدوات كثيرة في دار الإفتاء المصرية تتحرك في الواقع المتغير وقد نادينا بالتكوين العلمي والتأهيل الإفتائي، وعقدنا مؤتمرًا عالميًا في هذا الشأن لدعم قضية التأهيل الإفتائي بالتدريب المباشر وغير المباشر ونجحنا في ذلك من خلال مركز إعداد المفتين بدار الإفتاء، وأصبح لدينا من الأدوات التي جعلت الفتوى مفيدة ومعالجة لقضايا المجتمع بوسائل عديدة.