رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

«ماري باي باي».. قصة فنانة دخلت عالم الشهرة من باب التنمر

نشر
مستقبل وطن نيوز

كانت بهيجة محمد علي – الشهيرة بماري باي باي - خارجة لتوها من تجربة طلاق حين صادفت يوسف وهبي في الشارع، وقطعت عليه الطريق وهي تقف أمامه دون أن تنطق بكلمة، كان يظن أنها إحدى المعجبات فقال لها: "أهلا وسهلا" وابتسم وهو يرفع يده بالتحية لتأذن له بالانصراف، إلا أنها لم تسمح له!

وقالت في حياء شديد: إنها ترغب في أن تصبح ممثلة، وتتمنى لو يأخذ بيدها إلى أول الطريق.

صمت يوسف وهبي قليلا واستخرج من جيبه علبة سجائر وأشعل واحدة وهو يتفرس ملامحها، ويستمع إلى حلمها القديم في أن تصبح نجمة مسرح، وتكشف له عن موهبتها في الرقص، ولم تنته السيجارة إلا وكان يوسف وهبي قد اتخذ قراره باصطحابها معه، وضمها إلى فرقة رمسيس، لكن هذه ليست بداية القصة.

بدأت القصة منذ سنوات طويلة، حين كانت بهيجة حارسة في السجن، تمتلك ملامح فقيرة الجمال، وقلب غني بمحبة الناس، تعطف على المساجين، وتوفر لهم ما يحتاجون إليه بعيدا عن المسؤولين، ما جعل زميلها يعجب بقلبها الطيب لتنشأ بينهما حكاية حب انتهت بالزواج.

لكن الحارس لم يكن يعلم أنه تزوج من امرأة متمردة، مهووسة بالفن، وتريد أن تكون راقصة في صالات وسط البلد، لتبدأ الخلافات، ويكون الطلاق هو الحل الوحيد، ليعود إلى السجن، وتقرر بهيجة السير وحيدة لتحقيق حلمها بعيدا عن الأسوار.

في كازينو بديعة مصابني كانت بهيجة هي الراقصة التي تجيد التعامل مع الجنود الإنجليز وإدرار المال من جيوبهم، تجذبهم بحركاتها، وخفة ظلها، وتنضم إلى طاولاتهم بعد انتهاء فقرتها لتحرضهم على طلب المزيد من المشروبات، وعندما يظنون أنهم حصلوا عليها، تنسل من بينهم وتغادر المكان وهم لا يشعرون، ما جعلهم يطلقون عليها اسم "ماري باي باي" الذي اشتهرت به طيلة حياتها.

أما يوسف وهبي فهو لم يجبر بخاطرها حين وافق على أن تنضم لفرقته، كان يعلم أن الفن يبحث عن الدميمات مثلما يحتاج إلى الجميلات، وأن ماري باي باي "نمرة" لإضحاك الجمهور، وبالفعل لم تكن ماري إلا جملة اعتراضية في تاريخ السينما، مجرد كومبارس يتم استغلالها أسوأ استغلال، بالسخرية والتنمر على ملامح وجهها لتضج القاعة بالضحك.

تجاهل المخرجون موهبتها، وحصروها في دور فتاة الليل الدميمة، وظلت تؤدي أدوارها بآلية، ودون اكتراث، وكلما حضرت عروض أفلامها وسمعت تعليقات الجمهور على وجهها، شعرت بالألم، وتمنت لو أنها ظلت في السجن، وعاشت قانعة بالحياة الهادئة مع زوجها، إلا أن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، وكان عليها أن تستكمل الرحلة لتجد قوت يومها، ولا تمد يدها. 

وقفت ماري باي باي  على خشبة المسرح أمام فؤاد المهندس، والثلاثي سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد، وأهم أفلامها: "كيلو 99 "، و"عاشور قلب الأسد" و "إسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين" وآخر أعمالها فيلم (حب من ثلاثة أطراف).

ولدت في مثل هذا اليوم من عام 1917 وتوفيت في 5 أكتوبر عام 1997 عن عمر يناهز 80 عامًا.

عاجل