رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

صاحب الصوت الذكي.. الشيخ الشحات محمد أنور بلبل التلاوة

نشر
مستقبل وطن نيوز

استطاع الشيخ الشحات محمد أنور، أن يفرض موهبته على الساحة ليدون اسمه على صفحة المشاهير فهو صاحب بصمة صوت متميزة وعرف بالرصانة في التلاوة والذكاء الشديد، فجذب أنظار كل من استمع إليه حتى أن كبار القراء تنبئوا له بمكانة مرموقة بين مشاهير القراء، ورغم انه عاصر كبار القراء إلا انه صنع لنفسه مدرسة مستقلة به وتميزه عن غيره من القراء وعلم ابناءه في مدرسته حتى ورثوا عنه الصوت الجميل.

ولد القارئ الشيخ الشحات محمد أنور في الأول من شهر يوليو عام 1950، في قرية " كفر الوزير " بمركز " ميت غمر " محافظة الدقهلية، في أسرة صغيرة متدينة، وبعد ثلاثة أشهر من ولادته مات أبوه، وأوصى قبل وفاته أن يكون ابنه من أهل القرآن الكريم، واحتضنت الأم وليدها وانتقلت به للإقامة بمنزل جده، وتكفل بتربيته خاله الشيخ حلمى محمد مصطفى، وعلى يده حفظ القران الكريم، وقد اتم حفظه وهو عمره عشر سنوات .

ولما بلغ الشيخ الشحات العاشرة من عمره، وأتم حفظ القران الكريم، ذهب به خاله إلى إحدى القرى المجاورة وهي قرية " كفر المقدام " ليجود القرآن الكريم على يد المرحوم الشيخ علي سيد أحمد الفرارجي الذي أولاه رعاية واهتماما خاصا، لأنه لديه الموهبة التي تؤهله لأن يكون واحداً من أشهر قراء القرآن في مصر والعالم كله، وكانت بداية الشيخ الشحات بتلبية الدعوات التي انهالت عليه من كل مكان وهو ابن الخامسة عشرة، وذلك حتى يعول عائلته الصغيرة الفقيرة، فقرأ القرآن الكريم في كل قرى الوجه البحري بأجر بسيط آنذاك، واستطاع الشيخ الشحات في فترة وجيزة أن يكون لنفسه شخصية قوية، ساعده على ذلك ما أودعه الله إياه من عزة النفس، وبعد النظر، واتساع الأفق، والذكاء الحاد، والحفاظ على مظهره، والتمسك بقيم وأصالة الريف، وبعد أن تخطى العشرين عاماً بقليل، صار للشيخ الشحات اسماً يتردد في كل مكان، وانهالت عليه الدعوات من كل محافظات مصر .

وفي أحد الأيام، وجه رئيس مركز مدينة " ميت غمر " في عام 1975 المستشار حسن الحفناوي دعوة الى الشيخ الشحات في إحدى المناسبات الدينية التي كان سيحضرها المرحوم الدكتور كامل البوهي أول رئيس لإذاعة القرآن الكريم.

 وأقيم الحفل بمسجد الزنفلي بمدينة "ميت غمر"، وعندما استمع له المرحوم الدكتور البوهي، سأله عن عدم التحاقه بالإذاعة وطلب منه أن يتقدم لتكون قارئاً بالإذاعة، وبالفعل تقدم بطلب للاذاعة، وكان للاختبار عام 1976، ولكن اللجنة رغم شدة إعجاب أعضائها بأدائه، إلا انهم رأوا أنه محتاج إلى مهلة لدارسة التلوين النغمي، فتعلمها على يد الخبير الموسيقى "محمود كامل " والملحن " أحمد صدقي "، بعد أن إلتحق بالمعهد الحر للموسيقى، ودرس لمدة عامين حتى صار متمكنا من كل المقامات الموسيقية بكفاءة عالية، وفي عام 1979 تقدم بطلب للاختبار مرة ثانية أمام لجنة اختبار القراء بالإذاعة، وتم اعتماده بها، وتم تحديد موعد لي لتسجيل بعض التلاوات القصيرة حتى تذاع على موجات إذاعة القرآن.

 ونجح الشيخ الشحات في الاستقلال بنفسه وجعل له مدرسة في فن التلاوة وحسن الأداء، ليصبح الشيخ الشحات حديث الناس جميعا وخاصة مشاهير القراء، وذات يوم قابله المرحوم الشيخ محمود علي البنا وهنأه على حسن أدائه وجمال صوته، وقبل وفاته بأيام قال الشيخ البنا لعصمت الهواري، وهو يسمعه في قراءة الجمعة على الهواء: "الشيخ الشحات سيكون من أعلام مصر في التلاوة " .

في الفترة من 1980م إلى 1984م تربع الشيخ الشحات على الساحة مع أعلام القراء واستطاع أن يحقق إنجازًا كبيرًا وشهرة واسعة، وكان قرآن الفجر عبر موجات الإذاعة هو البوابة الرئيسية التي دخل منها الشيخ الشحات إلى قلوب الملايين من المستمعين، خاصة أنه لم يخرج من مصر في هذه الفترة، إلا أنه بعد ذلك سافر إلى أكثر من عشرين دولة منها بريطانيا وامريكا والأرجنتين وإسبانيا والنمسا وفرنسا والبرازيل ودول الخليج العربي ونيجريا وتنزانيا والمالديف والكاميرون وجزر القمر بالإضافة إلى زياراته السنوية لإيران لإحياء ذكرى الإمام الخوميني وله هناك تسجيلات نادرة تذاع في اذاعة طهران وخلال زياراته للبلاد الغربية تأثر به المستمعون بها حتى انه في احد المرات في الولايات المتحدة الأمريكية وبالتحديد ولاية " بيوجرسي "اعتنق الإسلام ثلاثة اشخاص بعد أن استمعوا إلى تلاوته وقتها انهمرت الدموع من عيني الشيخ وقال: " الحمد لله الذي أكرمني بصوت تأثر به هذه القلوب ".

 

 

وفي فجر يوم الثالث عشر من شهر يناير 2008 رحل عن عالمنا إلى الدار الأخرة الشيخ الشحات محمد أنور عن عمر يناهز السابعة والخمسين .. رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته وجزاه عنا وعن الأمة الإسلامية كل خير نظير ما قدمه لنا في حياته وما تركه من تراث بعد مماته.

عاجل