رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

صندوق النقد يُوصي بضرورة توسيع نطاق التعاون العالمي لاحتواء جائحة «كوفيد-19»

نشر
صندوق النقد الدولي
صندوق النقد الدولي

أوصى صندوق النقد الدولي، اليوم الأربعاء، بضرورة توسيع نطاق التعاون العالمي لاحتواء جائحة كوفيد-19، وخاصة تسريع إتاحة اللقاح بتكلفة معقولة لكل دول العالم، وذلك في ظل التباين الشديد لوتيرة تقديم التطعيمات عبر مختلف البلدان وعدم توافر اللقاحات لعدد كبير منها.

وكشف صندوق النقد الدولي في أحدث تقارير الراصد المالي لشهر أبريل الجاري أن سباق اللقاح لا يزال مستمرا في الحرب ضد كوفيد- 19، مؤكدًا أن إنتاج اللقاح من شأنه أن يُغطي تكاليفه من خلال ما يحققه من تعزيز التشغيل والنشاط الاقتصادي، مما يؤدي إلى زيادة الإيرادات الضريبية وتحقيق وفر كبير في الدعم المقدم من المالية العامة.

سياسة المالية العامة مرنة وداعمة لأنظمة الرعاية الصحية

وأوضح التقرير ضرورة أن تظل سياسة المالية العامة مرنة وداعمة لأنظمة الرعاية الصحية والأسر والشركات القادرة على الاستمرار والتعافي الاقتصادي إلى أن تتسنى السيطرة على الجائحة في مختلف أنحاء العالم.

وأشار التقرير إلى أن تحقيق نمو اقتصادي أقوى سوف يُساهم في تحقيق إيرادات ضريبية إضافية تتجاوز التريليون دولار في الاقتصادات المتقدمة، على أساس تراكمي، بحلول عام 2025، ويوفر على المالية العامة تكلفة تدابير دعم تعادل تريليونات الدولارات الأخرى.

ونوه بأنه من أجل العمل على تلبية احتياجات التمويل المرتبطة بالجائحة، يمكن أن ينظر صناع السياسات في تقديم مساهمة مؤقتة للتعافي من كوفيد- 19 ، على أن تطبق هذه المساهمة على الدخول المرتفعة أو الثروة. ولتكوين الموارد اللازمة لتحسين فرص الحصول على الخدمات الأساسية، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، وإحياء الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وكذلك إجراء إصلاحات ضريبية محلية ودولية، وخاصة مع اكتساب التعافي زخما متزايدا.

وذكر التقرير أن الحاجة إلى تلقي الدعم تتفاوت عبر البلدان المختلفة، تبعا لتأثيرا لجائحة والفرص المتاحة للاقتراض بتكلفة منخفضة، منوهة بأن حكومات عديدة في الاقتصادات المتقدمة قامت بتنفيذ تدابير كبيرة الحجم على جانبي الإنفاق والإيرادات، إلا أن الدعم في الأسواق الصاعدة، ولا سيما البلدان النامية منخفضة الدخل، لا تزال أقل حجما وأكثر تركزا في البداية، كما أن نسبة كبيرة من التدابير المتخذة قد انتهى الأجل المحدد لها.

وأضاف تقرير الراصد المالي أن الدعم المالي المقدم قد حال دون حدوث انكماشات اقتصادية أكثر حدة وفقدان المزيد من الوظائف، وفي الوقت نفسه، أدى هذا الدعم، مع انخفاض الإيرادات، إلى زيادة العجز والدين الحكوميين حتى بلغا مستويات غير مسبوقة عبر كل البلدان في مختلف مجموعات الدخل.

وتابع التقرير "وصل متوسط العجز الكلي كنسبة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 إلى 11,7 % بالنسبة للاقتصادات المتقدمة، و 9,8 % بالنسبة لاقتصادات الأسواق الصاعدة، و 5,5 % بالنسبة للبلدان النامية منخفضة الدخل، فيما قد تباعدت مسارات البلدان من حيث القدرة على زيادة الإنفاق؛ فجاء ارتفاع العجز في الاقتصادات المتقدمة وعدد من اقتصادات الأسواق الصاعدة نتيجة لزيادة الإنفاق وانخفاض الإيرادات بأحجام متساوية تقريبا، بينما كان السبب الرئيسي في انهيار الإيرادات لدى العديد من اقتصادات الأسواق الصاعدة ومعظم البلدان النامية منخفضة الدخل هو في الأساس انهيار الإيرادات الذي أحدثه الهبوط الاقتصادي".

وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن ينكمش عجز المالية العامة في معظم البلدان في عام 2021 مع انقضاء أجل الدعم المرتبط بالجائحة أو انحساره، وحدوث بعض التعافي في الإيرادات، وانخفاض عدد طلبات الحصول على إعانات البطالة.

وكشف التقرير أن متوسط الدين العام العالمي قد وصل إلى نسبة غير مسبوقة قدرها 97 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 ومن المتوقع أن يستقر عند قرابة 99 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021، إلا أنه بالرُغم من ارتفاع الدين، فإن متوسط مدفوعات الفائدة أقل بوجه عام في الاقتصادات المتقدمة وكثير من الأسواق الصاعدة، نظرا للانخفاض الاتجاهي في أسعار الفائدة السوقية، ونظرًا لتنفيذ البنوك المركزية المهمة الموكلة إليهم بعد أن خفضت أسعار الفائدة الأساسية واشترت سندات حكومية، مما يسر استجابات المالية العامة للجائحة.

وتابع "أما بالنسبة للبلدان منخفضة الدخل، فإن تمويل عجوزاتها الكبيرة لا يزال أمرا صعبا، نظرا لمحدودية قدرتها على النفاذ إلى السوق وضيق المجال أمامها لتعبئة إيرادات على المدى القريب، وتحتاج هذه البلدان إلى مساعدات من خلال المنح أو التمويل الميسر أو في بعض الحالات إعادة هيكلة الديون".

ونوه التقرير إلى أنه على المدى المتوسط، من المتوقع أن تنكمش عجوزات المالية العامة في كل مجموعات الدخل مع زيادة وتيرة التعافي واستئناف إجراءات الضبط المالي، ونتيجة لذلك، فمن المتوقع لنسب الدين إلى إجمالي الناتج المحلي أن تستقر أو تنخفض في معظم البلدان، بالرغم من أن الدين العام سيواصل الارتفاع في بضعة بلدان بسبب عوامل مثل شيخوخة السكان واحتياجات التنمية.

أما بالنسبة لآفاق المالية العامة، فإن حالة عدم اليقين بشأنها قد ارتفع على نحو استثنائي؛ فمن حيث احتمالات تجاوز التوقعات، إذا سارت عمليات التطعيم بأسرع من المتوقع، فمن الممكن أن تعجل بوضع نهاية للجائحة، مما يعزز تحصيل الإيرادات ويقلل الحاجة إلى دعم إضافي من المالية العامة.
أما على جانب المخاطر المعاكسة، فإن استمرار الهبوط الاقتصادي لفترة أطول، أو التشديد المفاجئ للأوضاع المالية في ظل ارتفاع مستويات الديون، أو حدوث طفرة في حالات الإفلاس بين الشركات، أو تقلب أسعار السلع الأولية، أو زيادة السخط الاجتماعي، من شأنه كبح التعافي.

وذكر التقرير أنه كلما طالت مدة الجائحة، زاد التحدي الذي يواجه المالية العامة.

وعلى هذه الخلفية، تتضمن أولويات سياسة المالية العامة مواصلة الدعم حسب الحاجة بينما مع استمرار عمليات التطعيم وتعزيز التعافي؛ والتنفيذ العاجل لتدابير المالية العامة المعلنة اعتمادا على قدرات محسَّنة في مجال تنفيذ المشروعات وإجراءات أكفأ للمشتريات؛ والسعي لتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد أخضر ورقمي واحتوائي؛ ومعالجة مواطن الضعف طويلة الأمد في المالية العامة بمجرد أن تترسخ جذور التعافي؛ ووضع استراتيجيات متوسطة الأجل للمالية العامة من أجل إدارة مخاطر المالية العامة والتمويل؛ وتجديد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

عاجل