رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

في ذكرى ميلاده.. زكي رستم أرستقراطي قرر أن يحصل على نصيبه من الشقاء

نشر
مستقبل وطن نيوز

ولد زكي رستم وفي فمه ملعقة ذهب، جده اللواء محمود رستم باشا، ووالده محرم بك رستم، العضوا البارز في الحزب الوطني, والصديق الشخصي للزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد.

الفتى الارستقراطي الذي نشأ في الحلمية عندما كانت حيّا للأثرياء، تمرد مبكرا على الشوكة والسكينة، وقرر الخروج من «عيشة الفخفخة»، والسير منفردا في شوارع عماد الدين ليبحث عن نصيبه من الشقاء!

في الـ19 من عمره حصل زكي على البكالوريا، استجمع شجاعته وأخبر والدته برغبته في التمثيل، ولكن سليلة الحسب والنسب اعتبرت ما يقوله الولد مزحة ثقيلة، ولم تسمح له بمواصلة «هرتلته»، طلبت منه أن يدخل حجرته، وينام مبكرا، حتى يستطيع أن يستيقظ في الصباح ليلحق بموعده مع كلية الحقوق ويقدم أوراقه مع أبناء الأكابر.

«سليمان نجيب» - ابن صديق والده – قام بتهريبه إلى عبد الوارث عسر، الذي سلمه إلى جورج أبيض ليبدأ رحلته في عالم المسرح، بدون أجر، حسب طلبه.

وعندما علمت الأم أن ابنها أصبح «مشخصاتي» طبت ساكتة.. الأطباء نجحوا في إسعافها..  إلا أنها عاشت بقية حياتها مشلولة، ما تسبب في أثر مؤلم للفتى الذي كان يشق طريقه إلى السماء ليزرع فيها كوكبا باسمه.

جلسة واحدة مع يوسف وهبي، أقنعت زكي بأهمية الاحتراف، والقبول بأجر يتناسب مع موهبته الثقيلة، ما جعله يتقاضى ثلاثة أضعاف ما يحصل عليه حسين رياض، رغم أنهما في نفس العمر!

إخلاص رستم، للتمثيل جعله يرفض الزواج مدى الحياة، ليعيش وحيدا مع كلب وخادم، في شقة  بعمارة يعقوبيان التي تقف في تقاطع شارع طلعت حرب مع شارع 26يوليو.

«بيتوتي» الفسح بالنسبة له بمثابة وسيلة للتعذيب، والسهرات الليلة تضييع وقت، و«عصبي» لا يحتمل النقاش، ما جعله ينأى بنفسه عن قصص الحب الرومانسية التي  تحتاج إلى صبر أيوب.

أول أعماله في السينما الصامتة «زينب» عام 1930، قبل أن يبدأ سلسلة الأفلام الناطقة بـ «الوردة البيضاء» عام 1932، لينهمر السيل وتتولى جواهره الفنية التي وصلت إلى 240 عملا ، الموجود منها 55 فقط!

من الباشا إلى الموظف الغلبان، جسد زكي رستم دور الفتوة، والمعلّم، والمحامي، والعجوز المراهق، والزوج القاسي، والجد الحنون، وناظر الأنفار وغيرها من الأعمال أثبت فيها أن الفنان أشبه بقطعة صلصال قابل للتشكيل حسب الدور المطلوب منه.

قبل نهاية مشواره كرمه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام  1962 بوسام الفنون والعلوم و الأدب، وحين فقد حاسة السمع، وشاهد من يسخر من ارتفاع صوته وهو يؤدي أحد المشاهد، بكى «الباشا» من العجز، وانطوى في منزله، وقرر مغادرة الفن نهائيا سنة 1968 حتى مات وحيدا في 15 فبراير 1972 بأزمة قلبية، ولم يمش في جنازته أحد.