رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

آن أوان كشف الحقائق| ليلى مراد.. ورقة فشلت إسرائيل في استغلالها ضد المصريين وهزمتهم بعد وفاتها

نشر
مستقبل وطن نيوز

"سندريلا النيل"، صوتها وصفه الجميع بـ"الصوت الملائكي"، كانت كالبلبل الذي يغرد في سماء المحبة تعانق نسيم الحب، صوتها عذب نقي كنقاء اللؤلؤ الذي يعكس جميع ألوان الطيف، إنها الفنانة القديرة الراحلة ليلى مراد، التي كانت تعتبر نطفة موسيقية دخلت في بويضة نغمية واستقر جنينها في رحم آلة موسيقية حتى تكامل نموه وولد لحنًا سماويًا، فوالدها الموسيقار الكبير زكي مراد، وشقيقها منير مراد أحد كبار الملحنين المجددين، وصديق العائلة المقرب موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، الذي حرص على تقديمها للساحة الفنية سواء في عالم الغناء أو التمثيل من خلال فيلمه "يحيا الحب" الذي يعد بمثابة انطلاقتها الحقيقية في عالم الفن، ففي قصتها حب وهجر، وثراء وفقر، وأحزان وأفراح، وقرب وبعد من الملك فاروق، وغضب من سوريا وتدخل من جمال عبد الناصر، واعتزال في قمة المجد، فكانت مثل القشة في بحر كبير تتقاذفها الأمواج.

للفنانة ليلى مراد، التي يحل اليوم ذكرى ميلادها الـ 108، تاريخ طويل ومثير للجدل بسبب ديانتها وعلاقتها بالكيان الصهيوني إسرائيل، التي لم تكتف بسرقة الأوطان والحقوق والأموال، بل تبحث دائمًا عن سرقة البشر أيضًا، باعتبارهم ثروة يفتقرون إليها، فلذلك كانت ليلى مراد كالورقة التي تلاعب بها اليهود مشاعر المصريين، إلا أنهم على مدى سنوات طويلة فشلوا سرقة موهبتها وصوتها ونجوميتها، وفي اصطناع أية صلة بينها وبين تل أبيب حتى وصل بهم الأمر إلى تشكيكهم في عقيدتها الإسلامية، ولكنهم فشلوا أيضًا.

فالحكاية بدأت مع بزوغ شمس يوم جديد، من أحد المساجد القريبة بعمارة الإيموبيليا الشهيرة، والشيخ يؤذن في الناس لأداء صلاة الفجر، وليلى في غرفتها بجانب زوجها المسافر في أحلامه الفنان أنور وجدي، ليدخل صوت الشيخ في قلبها لتنتبه له ومن ثم تيقظ "وجدي" من نومه وتقول له: "قوم اصحى المؤذن النهاردة صوته أحلى من الكروان أنا عايزة أشهر إسلامي"، ليرد عليها أنور: "قولي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.. ويبقى كده أسلامتي"، ليكون هذا اليوم بداية جديدة في حياة الصوت الملائكي بتركها لديانتها اليهودية ودخولها الإسلام.

ظلت ليلى هذا اليوم مستيقظة حتى الساعة 9 صباحًا، وارتدت ملابس محتشمة وعلى رأسها طرحة بيضاء، وذهبت إلى مشيخة الأزهر لتشهر إسلامها، واستقبلها الشيخ محمود بكري، وعلى يديه دخلت الإسلام، وكانت تريد بعدها أن تذهب لأداء مناسك الحج، إلا أنها لم تستطع بسبب رفض صناع فيلم "ليلى بنت الأكابر" لضيق الوقت، حتى طالبت الشاعر القدير أبو السعود الإبياري أن يكتب لها أغنية في وداع المسافرين إلى الحج وبالفعل قدمت "يا رايحين للنبي الغالي" ولحنها رياض السنباطي.

نتيجة بحث الصور عن ليلى مراد بالحجاب

كما كان هذا اليوم بمثابة حياة جديدة للفنانة ليلى مراد، إلا أنه كان أيضًا بوابة الجحيم التي انفتحت عليها فيما بعد، حتى أنه يرى الجميع بأن هذا كان سببًا في اعتزالها الفن، وهي في أوج مجدها، فذكر الدكتور محمد أبو الغار في كتابه الشهير "يهود مصر" أن اليهودي المصري موريس شماس الذي هاجر إلى إسرائيل، قال: "ذهبت لمقهى لانسيانو الذي كان يقع في حارة اليهود، لمناقشة أزمة دخول ليلى مراد الإسلام، وكان صاحب المقهى يهودي مصري من أصل إيطالي يدعى لانسيانو، من أكثر الغاضبين من الخبر، وأعلن أنه سيغلق الراديو أثناء إذاعة أغنيات ليلى مراد، وأنزل صورتها المعلقة على الحائط".

وفي عام 1952، وبعد شهرين من ثورة يوليو، انتشرت شائعة تتهم ليلى بزيارة إسرائيل والتبرع لها بمبلغ 50 ألف جنيه، وانتشر هذا الخبر في كل مكان حتى فجعت "مراد" منه، وخرجت بنفسها وعلقت: "أنا مسلمة مصرية".

طارت بعد ذلك ليلى إلى فرنسا لإحضار شهادة من البنك الذي قيل إنها حولت تبرعها منه لإسرائيل، وأعطاها البنك بالفعل شهادة موثقة تثبت براءتها، كما أخرجت شهادة تؤكد على أن كل ثروتها لا تصل إلى هذا المبلغ، وساعدها في ذلك وجيه أباظة عضو تنظيم حركة الضباط الأحرار، وكان يشتغل وقتها مدير إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، وتزوجها فيما بعد.

ولم ينتهي هذا الأمر بهذه الطريقة، فطالت الشائعة طليقها وقتها الفنان أنور وجدي، الذي قيل إنه السبب في خروج هذه الشائعة نتيجة للخلافات التي نشبت بينهما وانتهت بالطلاق، ولكنه خرج أيضًا للصحافة وأكد على أن هذا ليس صحيح، وأن ليلى مسلمة عربية صميمة يحبها كل العرب وتبادلهم هي بدورها هذا الحب، مشيرًا إلى أن الاختلافات الدينية والسياسية لم تكن سببًا في طلاقهما.

انتهت القضية في مصر وتأكد زيفها، ولكن الحكومة السورية لم تصدق، فأصرت على استمرارها في فرض حظر شامل على أغاني ليلى مراد وأفلامها، وظل موقفهم هكذا حتى اضطر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر التدخل وحل الأمر بنفسه، وذلك أثناء مفاوضته معهم للاتفاق على الوحدة المصرية السورية في 1958، وخرج القرار بإلغاء المقاطعة ولكن وقتها كانت اعتزلت ليلى الفن بسنوات، وظهرت مرات قليلة جدًا حتى رحلت عن عالمنا في 1995 والمصحف الشريف بجوارها، تاركة خلفها إرثًا فنيًا كبيرًا سواء من الأعمال الغنائية أو السينمائية.

لم تسلم ليلى مراد حتى بعد وفاتها من الأقاويل عن علاقتها بإسرائيل وديانتها اليهودية، حتى خرجت إحدى مجلات الفنون من قلب تل أبيب، ونشرت تقريرًا مفصلًا عن الحقيقة وترد به على الجميع، وجاءت مقدمته: "آن الأوان لذكر حقائق غامضة عن سندريلا النيل الراحلة ليلى مراد لأن موتها ودفنها كمصرية مسلمة لم يفصل ويحسم العديد من الانتقادات الخاطئة في عقول يهود إسرائيل، خصوصًا الذين من أصول مصرية وعربية".

وأكد التقرير على أن صاحبة "الصوت الملائكي" عاشت إلى يوم وفاتها مسلمة، تؤدي كل فروض الإسلام، وأن والدها الفنان القدير زكي مراد، بعد عودته إلى مصر من رحلته إلى أمريكا وهي وقتها كانت في 12 من عمرها اكتشف أن صوتها ملائكي فراح يصحبها معه في الأفراح والمآتم ويجعلها تنشد الأناشيد الدينية الإسلامية، وتقرأ القرآن بين النساء.

وأشار التقرير أيضًا إلى أن ارتباط ليلى بالعقيدة الإسلامية لم يحدث عند زواجها من أنور وجدي وهي في 27 من عمرها، بل اقتنعت به منذ طفولتها، عندما ألحقها والدها بمدارس الراهبات، على الرغم من المحاولات الكثيرة التي تعرضت لها لجعلها تعتنق المسيحية من قبل راهبات المدرسة، حيث كانت تفضل أن تذهب مع صديقاتها المسلمات إلى درس الشيخ الذي كان يأتي خصيصًا للمدرسة لتعليم التلميذات المسلمات.

وفضح التقرير أيضًا مواقف ليلى مراد مع الكيان الصهيوني ومحاولاتهم لتجنيدها طوال فترة حياتها، بدايةً من تيسير إلياس مدير برامج الموسيقى في راديو صوت إسرائيل باللغة العربية، مرورًا بليلينا نجار المذيعة بالتليفزيون الإسرائيلي، التي حاولت التواصل معها ورفضت الرد عليها من الأساس، وكانت تطلب من مديرة منزلها الرد عليها وتقول: "أنا مصرية ومسلمة وسأموت هكذا ولا أريد أن أتحدث معهم، ولا أريد وساطة من أي شخص"، ووزارة الخارجية الإسرائيلية التي عرضت عليها منحها درجة المواطنة الشرفية لإسرائيل، فرفضت حتى استقبال ملحق السفارة الإعلامي وطردته من على باب منزلها، ثم رفضها عرض جواز السفر الدبلوماسي الإسرائيلي، لتفعل نفس الشيء مع السفير والملحق وقتها " أفرايم دوفيك".

ومن ثم محاولات شيمعون بيريس، عندما كان وزيرًا للخارجية الإسرائيلية، الذي عرض عليها أن تكون سفيرة فوق العادة، وأبلغوها أن مميزات لا حصر لها تنتظرها في إسرائيل ولكنها رفضت أيضًا متمسكة بمصريتها وإسلامها، حتى وصيتها الأخيرة التي كشفت عنها المذيعة الإسرائيلية بنفسها ليليتا النجار، وحذرت فيها ليلى مراد إسرائيل من أية محاولات للإضرار بسمعتها، وبحقيقة إسلامها بعد وفاتها، مؤكدة على أنها لدها مستندات رسمية وخطابات مسجلة باسمها تحتوي على فضائح لهم، لتنتهي المجلة الإسرائيلية من تقريرها مؤكدة على أن ليلى مراد استطاعت أن تهزم إسرائيل حتى بعد وفاتها.

نتيجة بحث الصور عن ليلى مراد بالحجاب

عاجل