دعت الأمم المتحدة إلى القضاء على الأسباب التي تعيق المرأة وتهمش دورها في مجالات العلوم والابتكار، ووفقا لمنظمة اليونسكو لا تمثل النساء سوى ثلث الباحثين في العالم، كما أن نسبة شغلهن للمناصب العليا في أرقى الجامعات تقل عن الرجال، وتتجنب النساء والفتيات المجالات ذات الصلة بالعلوم بسبب التحيّزات والقوالب النمطية الجنسانية القائمة منذ أمد بعيد.
وبمناسبة اليوم الدولي للنساء والفتيات في ميدان العلوم ،أظهر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أن المرأة تمثل 28% من خريجي الهندسة، و40% من خريجي علوم الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات ،وتضمن التقرير فصلا قائما بذاته عن المساواة بين الجنسين في مجال العلوم بعنوان "لكي تكون الثورة الرقمية ذكية يتعيّن أن تكون شاملة للجميع".
ويعد عاملا العلم والمساواة بين الجنسين من العوامل الأساسية في تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة بحلول 2030، وهي الأهداف التي اعتمدها زعماء العالم في 2015، وعلى مدى الـ15 سنة الماضية، عمل المجتمع الدولي متفانيا على إشراك المرأة والفتاة في مجال العلوم، ورغم ذلك لم تزل المرأة والفتاة تستبعدان من المشاركة الكاملة في ذلك المجال.
وقالت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي: "تُهمّش النساء والفتيات في المجالات المرتبطة بالعلوم بسبب جنسهنّ، حتى في يومنا هذا، في القرن الحادي والعشرين"،وشددت على ضرورة أن تعرف النساء أن بإمكانهنّ التفوّق في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وأنه يحق لهن المشاركة في التقدم العلمي.
ومن جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إلى النهوض بالمساواة بين الجنسين في مجال العلم والتكنولوجيا بوصفه أمرا أساسيا لبناء مستقبل أفضل ، كما أنه يجب"العمل معا" على إنهاء التمييز بين الجنسين، وضمان أن تحقق النساء والفتيات كافة إمكاناتهنّ وأن يكنّ جزءا لا يتجزّأ من بناء عالم أفضل للجميع. وأنه "بدون وجود عدد أكبر من النساء في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات سيظل الرجال هم الذين يشكلون ملامح هذا العالم من أجلهم، وستظل إمكانات الفتيات والنساء غير مستغلة".
وأشار "تقرير اليونسكو للعلوم" إلى أن نسبة النساء من خرّيجي الهندسة أقل من المتوسط العالمي للعديد من أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ففي أستراليا تصل النسبة إلى (23.2%) وكندا (19.7%) وتشيلي (17.7%)، وفرنسا (26.1%) واليابان (14%) وكوريا (20.1%)، وسويسرا (16.1%) والولايات المتحدة (20.4%).
في حين تصل أعلى نسب خرّيجات الهندسة في الدول العربية ـ بحسب التقرير ـ في الجزائر (48.5%)، المغرب (42.2%) وعُمان (43.2%) وسوريا (43.9%) وتونس (44.2%)
ووفقاً لتقرير اليونسكو، لا تزال النساء اللائي أسسن شركات ناشئة يعانين من أجل الحصول على التمويل، ولا يحظين بالتمثيل الكافي في الشركات التكنولوجية الكبيرة سواء في مواقع القيادة أو في الوظائف التقنية، وأن النساء معرّضات أكثر من الرجال لترك مجال التكنولوجيا معللات ذلك بضعف الآفاق المهنية كدافع رئيسي لهذا القرار، ولكن مواقف الشركات حيال النساء آخذة في التطور نتيجة ربط الدراسات بين ازدياد ثقة المستثمرين وتحقيق هامش أكبر من الربح من ناحية، وتنوّع القوى العاملة من ناحية أخرى.
وتؤكد اليونسكو أن عدم حصول النساء على التمثيل الكافي في مجال البحوث والتطوير يرجّح تجاهل احتياجاتهن وآرائهنّ عند تصميم المنتجات التي تؤثر في حياتنا اليومية مثل تطبيقات الهواتف الذكية.
ويشير الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن زيادة مشاركة المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيات والهندسة والرياضيات ، يمكن أن تؤدي إلى سد الفجوة في الأجور بين الجنسين وزيادة دخل المرأة بمقدار 299 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.
وبحسب تقارير الأمم المتحدة، ثمة عوائق أمام المسيرة المهنية للنساء في الأوساط الأكاديمية، حيث تقل مشاركتهن كلما تقدمن في السلم الوظيفي بدءا من طالبة الدكتوراه إلى مساعدة الأستاذ ومديرة البحث، وصولا إلى الأستاذة الجامعية، وتميل المسيرة المهنية للنساء لأن تكون أقصر وأقل أجرا، وغالبا ما يجري تجاهلهن عند الترقية، وعادة ما تحصل الباحثات على منح ذات قيمة أقل من تلك التي يحصل عليها أقرانهن من الرجال، وعلى الرغم من أن نسبة الباحثات تبلغ 33.3% من مجمل الباحثين، فإن 12% فقط من أعضاء الأكاديميات الوطنية للعلوم هنّ من النساء.
وفي ذات السياق، تؤكد المادة 24 من "توصية اليونسكو الخاصة بالعلم والمشتغلين بالبحث العلمي" (2017) على ضرورة أن تكفل الدول تمتع المشتغلين بالبحث العلمي بظروف عمل منصفة تشمل توظيفهم وترقيتهم وأجورهم وتقييم أدائهم وتدريبهم، بدون أي تمييز.