رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

مشاركة حزبية غير مسبوقة.. والمرأة والشباب يتصدران المشهد في برلمان 2021

نشر
مستقبل وطن نيوز

رغم انتهاء جولات الانتخابات في مجلس النواب، وإعلان النتائج النهائية فإن تركيبة برلمان 2020، تدل على تنوع تشكيلة المجلس الجديد، ويتبقى 28 نائبا يتم تعينهم بقرار من رئيس الجمهورية.

ووفق كل المؤشرات والمعايير، فإن مجلس 2020، تغير شكلا وموضوعا من حيث نسبة الأغلبية، ونسبة الشباب والمرأة،حيث توجد اختلافات جوهرية بين برلمانات 2010، 2012، و2015، وأخيرا 2020، من حيث القناعات السياسية، أو الانحيازات الأيديولوجية، أو حتى طريقة الاقتراع، فيما فرض التطور التكنولوجي المذهل في وسائل الاتصالات، حالة من الشفافية، لم يستطع حزب أو مرشح القفز عليها، ما وضع الأحزاب والمرشحين في مواجهة يومية مع الناخبين على صفحات التواصل الاجتماعي التي لا تتوقف عن رصد ما يحدث بالصوت والصورة.

كانت صناديق الاقتراع بمثابة مفرزة للشخصيات التي بإمكانها تحمل المسؤولية في الفترة المقبلة، المسؤولية التي تغيرت هي الأخرى، فلم تعد مجرد مطالب خدمية صغيرة بعد أن تكفلت الدولة بتلك المهمة وفق منظومة تطوير وبناء لا تتوقف على مدار الساعة.



انقرضت الصورة النمطية للنائب الذي يقدم وعودا وهمية في مقابل الحصول على الصوت، بعد أن أدرك الناخب قيمة ذلك الصوت والأهم مدى احتياج المرشح إليه، ما عجل بنهاية نائب (البارشوت) الذي يهبط على الدائرة أيام الانتخابات، ويودعها لحظة إعلان النتيجة، ويقطع صلته بأهل الدائرة أثناء تواجده في المجلس.



تقلصت المسافة بين المرشح والناخب، وأصبح التواجد على الأرض هو الاختبار الحقيقي، فيما اختفت الشعارات، وظهرت الأفعال، وامتدت مساحة "الغزل" الزمنية التي كانت لا تتعدى أسابيع قليلة قبيل الانتخابات وأثناء التصويت، لتمتد إلى شهور وسنوات، ما قضى على المزيفين بسهولة، وأظهر المعادن الأصيلة للأحزاب والأشخاص.

ولكن كيف حصل حزب مستقبل وطن على الأغلبية في برلمان 2020 وهو صاحب التجربة القصيرة في الحياة السياسية؟



ببساطة لقد تعلم الحزب الجديد من أخطاء ما قبله، تخلى عن مبدأ المغالبة السياسية الذي كان يتبناه الحزب الوطني في 2010، ورفض الانخراط في حالة التصادم لتنفيذ أهداف برجماتية كما فعل الإخوان في برلمان 2012.

استبدل "مستقبل وطن" مفهوم المغالبة بالمشاركة، والصدام بالتحالف، وفق رؤية وطنية تعتمد على توحيد الصفوف، من أجل استكمال عملية البناء، والدفاع عن الدولة في مواجهة مؤامرات قوى الشر.

** الأفكار الشابة سر تفوق "مستقبل وطن"

 أما كلمة السر في التفوق فكانت في الأفكار الشابة التي أدارت البرنامج الانتخابي للمرشحين من الألف إلى الياء، وصنعت تلك الحالة من مواكبة الوعي السياسي لدى المواطنين، والدفع بعشرات الآلاف من الشباب في مختلف المحافظات لتنفيذ المبادرات واحدة بعد الأخرى، وفق منظومة خدمية وتثقيفية متكاملة.

** خلايا النحل من الشباب في المحافظات تتحرك على الأرض 

انتهت الانتخابات في الوقت الذي لا تزال خلايا النحل من الشباب في المحافظات تتحرك على الأرض من أجل رصد الاحتياجات، وتقديم الخدمات، ذلك لأن وصول النائب إلى البرلمان ليس هو الهدف، ولكنه تحقيق برنامج  ممتد المفعول غير معني بالمكاسب السياسية اللحظية ولكن بتسطير تاريخ وطني لحزب جاء من رحم ثورة 30 يونيو التي رسمت الخط الفاصل بين من يقدم روحه فداء للوطن، من يقايض الوطن بحفنة من الدولارات.

رتبت الصنايق جدول الأحزاب في مجلس النواب، ليحصل "مستقبل وطن" على المركز الأول، ما يضعه تحت المجهر، في الوقت الذي جاءت الصناديق بـ26 حزبا وعدد من المستقلين، ما يجعل المجلس القادم يحتوي على ألوان الطيف السياسي.



أما اللافت فهو زيادة عدد النساء والشباب بشكل غير مسبوق، فإذا انتظرنا التعينات الرئاسية فإننا سوف نحصل على أكبر قدر من التنوع في التشكيلة السياسية، فضلا عن رفع مستوى تمثيل الكفاءات بما سوف تتضمنه التعينات من أسماء يتم اختيارها بعناية ودقة وما تحمله من خبرات مطلوبة، بعيدا عن التحزبات والتجاذبات السياسية.

ونظرة سريعة على أرقام البرلمانات السابقة سوف نعرف أن مجلس 2010، لم يكن يتجاوز فيه عدد الأحزاب أكثر من 6 فقط، ليقفز الرقم في 2012 (فترة حكم الإخوان الإرهابية) إلى 26، وهو رقم مخادع إذا أن الأمر كان ينحصر فقط في 18 فقط، بسبب توزيع كوادر الإخوان والتيارات الدينية على أحزاب مثل: الأصالة، والبناء والتنمية، والحضارة، والوسط والاتحاد والإصلاح، ليفوز "الحرية والعدالة" و"النور" بـ 66% من عدد المقاعد، إضافة إلى 8% لأحزاب التيار نفسه.




اختلف المشهد في 2015، حيث حصل ائتلاف دعم مصر على 56% من المقاعد، ما تغير في الانتخابات الأخيرة بتراجع حصة القوة الأكبر تحت القبة لـ52.8% تقريبا.

ولم تكن تجربة الإخوان الإرهابية، خلال العام الذي قضته الجماعة في الحكم سيئة على المستوى السياسي، لأن الأزمة الصعبة فرضت حالة من الشعور الوطني، والوعي بالخطر، ومواجهة حتمية لا مفر منها، ليس بين مؤسسات الدولة والإرهاب، ولكن بين الشعب بالكامل وبين القوى التي تحاول استغلال حالة الضعف لتمزيق الوطن، وتقسيمه، ومن هنا جاءت فكرة التحالف كحل وحيد، من أجل الوصول إلى الصلابة المطلوبة، وتفويت الفرصة على المغرضين، وتمرير مشروع الدولة القوية للخروج من الفخ الذي نصبته القوى الخارجية بالتعاون مع كوادر الإخوان.



شهدت البلاد حوادث إرهابية راح ضحيتها خيرة جنود الوطن وضباطه المخلصين، في الوقت الذي كانت فيه الجبهة الداخلية ملتحمة ومتماسكة وعلى قدر من المسؤولية في مواجهة عدو واحد، بعيدا عن التجاذبات السياسية  ومن تلك الرؤية انبثقت قائمة "في حب مصر"، ثم ائتلاف دعم مصر، الذي شكّل جسما نيابيا عريضا بنحو 56%، فضلا عن تفاهم وتوافقات مع أجسام أخرى تحت القبة.



كان بإمكان حزب مستقبل وطن دخول الانتخابات منفردا، لكنه يدرك أن العودة للوراء هي خطوة غير مفيدة بالمرة، وأن الدولة التي استعادت بريقها المفقود، وقوتها في المنطقة على يد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبفضل جهود القوات المسلحة ورجال الشرطة، ليست في حاجة أبدا إلى معارك جانبية يتم فيه استنزاف الطاقات، والعودة إلى الانقسامات، ولكن إلى الوقوف صفا واحدا لمواجهة عدو واحد معروف للجميع.



** القائمة الوطنية حل وحيد لتفويت الفرصة على المغرضين 

فوت حزب مستقبل وطن الفرصة على المتربصين، وهو يسعى إلى تكوين قائمة وطنية تضم 12 حزباً وعشرات من النساء وشباب تنسيقية الأحزاب، من أجل العمل المشترك، لصناعة حالة من الترابط السياسي لم تشهده الحياة النيابية من قبل، لتمر أجواء الانتخابات في هدوء وسلام ومحبة، فالجميع يتنافس من أجل إعلاء مصلحة الوطن وليس إعلاء مصلحة حزب أو فرد، ما جعل  علم مصر حاضرا وبقوة أمام اللجان ومع الناخبين.

**  "مستقبل وطن" ليس دوره الهيمنة على مقاعد المجلس 

أدرك "مستقبل وطن" أن التنوع هو ما يعجل بعملية التشييد والبناء، وأن دوره ليس الهيمنة على مقاعد المجلس بل قيادة الأطياف السياسية بمختلف توجهاتها، لتكون فاعلة في الشارع، ومن ثم عونا للدولة وليس عبئا عليها.. تلك كانت رؤية الحزب ونفذها باقتدار وبإيثار لفت انتباه المهتمين بالشأن السياسي.



استطاع الحزب الجديد ببساطة أن يصبح كبيرا بأفعاله، وأن يصنع هذه الحالة من التنوع داخل المجلس الحالي، فمن بين 567 نائبا حتى الآن لدينا 148 سيدة وقرابة 100 شاب، ما يتوقع زيادته مع صدور قائمة التعيينات الرئاسية، بما يعني تمثيل الشباب والنساء بنحو 50% تقريبا من تعداد المجلس، مقارنة بـ20% تقريبا فى مجلس 2015، وأقل من 10% فى كل المجالس السابقة فى ربع القرن الأخير وما قبله.



قفز حزب مستقبل وطن على الطموحات الصغيرة التي تشغل الأحزاب في الانتخابات النيابية، وفي المقابل تخلت قياداته عن اقتران النجاحات بأسماء بعينها، ليعمل الجميع تحت راية واحدة هي "مستقبل وطن" ليصعد اسم الحزب عاليا في سنوات قليلة بعيدا عن الشخصنة والمصالح.

** نجاح وطني وليس شخصي لم تفرضه الصدفة 

نحن أمام نجاح وطني، وليس شخصي، نجاح لم تفرضه الصدفة، ولكن التخطيط الواعي، والعمل الدءوب على مدار سنوات طويلة في كل مكان، وبنفس المسؤولية، والكفاءة، والقدرة على الاعتراف بالخطأ، وتصويبه في الحال، وتقييم التجربة في كل فترة، وتحديد القصور، ومعالجتها، والأهم إفساح المجال للشباب من أجل الحصول على حق المنافسة الدائمة على المقدمة.

بات الحزب يمتلك تحت القبة 52.8%، ما يعني أنه لابد أن يستمر في رحلة الشراكة مع بقية الأحزاب، فالأغلبية الجديدة أقرب ما تكون إلى أكثرية حزبية، وليست أغلبية حكومية، أما نسبة 52.8% التي يمتلكها حزب مستقبل وطن تحت القبة تعني أنه مستمر في الشراكة والتحالف من أجل استمرار حالة التحالف الإيجابية من أجل تكوين رؤية سياسية متكاملة للنهوض بهذا البلد الأمين.

 

 

 

عاجل