رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

في ذكرى وفاته الثانية .. إبراهيم سعدة سلطان متوج في بلاط صاحبة الجلالة

نشر
مستقبل وطن نيوز

في نهاية حياته اختار العزلة، بعيدا عن هدير ماكينات الطباعة، وألوان المانشتات الحمراء التي كان يكتبها بيده،  وتشكل جزءا هاما من صباحات المصريين، ليكتفي بكتابة "آخر عمود" الذي كان يعتبره القراء بمثابة فنجان قهوة "محوج"، يعدل مزاجهم مع كل طلعة شمس.

في بلاط صاحبة الجلالة، كان إبراهيم سعدة أحد أمراء الصحافة، يحمل قلما بفوهة مدفع، يحدث دويا كلما سطر مقاله، ويصيب هدفه بقوة ودقة إذا قرر الهجوم على " التخين" بما في ذلك رؤساء أمريكا!.

كان الأستاذ رئيسا لمجلس إدارة  دار أخبار اليوم، المدرسة الصحفية الأشهر في الشرق الأوسط، وسلطانها المتوج بحب زملائه،  وقمرها الذي إذا ظهر يتحلق حوله النجوم، وأحد شيوخ المهنة، وصاحب طريقة ومريدين، واتباع.

أضاف سعدة إلى الدار التي أنشأها مصطفى وعلي أمين الكثير من الإصدارات التي باتت الآن لآلئ وجواهر لا يمكن تصور الصحافة بدونها مثل "أخبار النجوم، وأخبار الرياضة، وأخبار الحوادث، وأخبار الأدب" ليضيف إلى جريدتي أخبار اليوم، والأخبار، ومجلة آخر ساعة أشقاء جدد يشدون من أزرهم، وتصبح المؤسسة بفضل رعايته لها من أقوى المؤسسات الصحفية في المنطقة العربية.

لم يكن إبراهيم سعدة مجرد شاب موهوب مارس العمل الصحفي وهو في سن صغيرة، حتى تمكن من الانضمام إلى "أخبار اليوم" ولكن كان أحد صناع الحياة السياسية في مصر بما يكتبه من تحليلات وما يعرضه من أفكار، ما جعل الرئيس السادات يصدر قرارا بتعينه رئيسا لتحرير جريدة أخبار اليوم ويصبح أصغر صحفي يتولى المنصب.

خاض الكاتب الكبير الكثير من المعارك دفاعا عن الدولة، ولعل أشهر مقالاته تلك التي كتبها في عام 2000 خلال عموده الصحفي "آخر عمود"، بعنوان  " من مبارك إلى كلينتون "، وكان ردًا منه على مقال مناظر من الصحفي الأمريكي توماس فريدمان "من كلينتون إلى مبارك"، حيث تهكم الصحفي الأمريكي من خلاله على الرئيس المصري آنذاك، ويتهمه بالتقاعس عن مؤازرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في كامب ديفيد لتقديم تنازلات بشأن القدس.

كتب سعدة رسالةً تخيلية من مبارك إلى الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون قائلا "ما المانع أن أتخيل أنا أيضًا أن مبارك أرسل ردًا رقيقًا إلى صديقه العزيز بيل، يقول فيه: بيل .. إنني أقدر تمامًا الظروف الصعبة التي تمر بها في هذه الأيام، مع اقتراب انتهاء إقامتك في البيت الأبيض، وحرصك الشديد على تحسين صورة الحزب الديمقراطي الذي يخوض معركة الانتخابات الرئاسية من خلال نائبك ـ آل جورـ في مواجهة خصمه القوي ـ جورج بوش الابنـ مرشح الحزب الجمهوري.

وأضاف سعدة على لسان مبارك حينها، "لا يخفى عليك ـ بيل - أن صورة الحزب الديمقراطي قد تأثرت كثيرًا خلال فترة حكمك، وبالذات بعد أن تحالفت قوى سياسية عديدة ضدك، وخططت ونفذت العديد من الحملات التشهيرية التي نجحت، بكل أسفٍ، في الإساءة إليك، والطعن في مصداقيتك، وخاضت في أمور وتصرفات شخصية ما كان يجب أن تخوض فيها باعتبار أن هذه الأمور ملك خاص لصاحبها".

وواصل رسالتة الطويلة ليوقف تطاول الصحفي الأمريكي الشهير توماس فريدمان ، قصد من خلاله الإساءة للدولة المصرية.

وفي مثل هذا اليوم منذ عامين رحل إبراهيم سعدة، الكاتب الأشهر في شارع الصحافة، لتخرج جنازته من دار أخبار اليوم التي صنعت مجده وشهرته إلى مثواه الأخير.

 

 

عاجل