رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

أحمد ناصف يكتب: لاءات بلا منطق.. وغضب غير مبرر

نشر
مستقبل وطن نيوز

ما زال بيننا، حتى هذه اللحظة، من يعيش بمقولة "ولدت لأعترض"، وأمثال هؤلاء يستخدمون كل اللاءات المعقولة وغير المعقولة، في مواجهة أي شيء، هؤلاء ينطبق عليهم المثل الشعبي الشهير "لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب"، دائما ما تكون "الشفقة" منهجهم لتبرير رفضهم لأي خطوة إصلاح أو تعديل مسار أعوج ولا يقدمون سببًا منطقيًا واحدًا يبررون به اعتراضهم.

أغرب الظواهر التي تشهدها مصر الآن، ظاهرة "الغضب من مواجهة الحقيقة"، خاصة بعد التصدي لإصلاح الأخطاء المتراكمة منذ عشرات السنوات، والتي أدت إلى ترهل الدولة، وتفشي الفساد، الذي تجاوز "الركب"، وكاد أن يغطي أعناقنا جميعًا، لولا نوبة الصحيان التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ توليه الحكم، في يونيو 2014.

ومن الحقائق الواضحة وضوح الشمس، تفشي ظاهرة إدمان المخدرات بأنواعها، وعندما تقرر الدولة إجراء تحليل للكشف عن المتعاطين بين موظفي الدولة وسائقي النقل وأتوبيسات المدارس، يغضب البعض مبررًا ذلك بخوفه من قطع عيش المتعاطين، ولم يفكر لحظة في مصير أطفال في عهدة سائق أتوبيس غائب عن الوعي، أو سائق نقل قد يتسبب في قتل العشرات.

ويغضب البعض لمجرد الحديث عن تغليظ العقوبات في مخالفات المرور، ولا يفكر في مخاطبة المخالفين لحثهم على الالتزام حتى لا تطالهم تلك العقوبات.

كما يغضب البعض عندما تدافع الدولة عن أملاكها -أملاكناـ وتقرر إزالة التعديات على الأراضي، وحماية الرقعة الزراعية من التآكل، وإن سألتهم عن حق الأجيال القادمة في هذه الأملاك، أو حقهم في تأمين غذائهم، وقفوا صامتين عاجزين عن الرد، وهو ما نراه حاليًا في اعتراض البعض، على تصدي الدولة لمخالفات البناء، وشفقتهم على المخالف المعتدي على مرافق الدولة، وحرم الطريق، من دون وقوفهم في صف النظام والقانون، ولم يخطر ببالهم أن الدولة القوية هي أملنا جميعًا والضمانة لمستقبل أفضل لنا ولأولادنا وللأجيال القادمة.

وقبل ما يقرب من 5 سنوات، صدق البرلمان على قانون الخدمة المدنية، الذي أغضب الكثيرين، فور صدوره، والذي يتيح تقييم أداء موظفي الحكومة، ولم يعبأوا بأن الموظف كان يتطلع للتعيين في الحكومة لـ"يتمرغ" في الميري، ولا يشغل باله بإجادة مهمته الوظيفية، ويتحدى أن يجرؤ أحد على محاسبته.

انتقد البعض التحالف الانتخابي بين أحزاب مدنية -تضم أحزابًا معارضةـ لخوض انتخابات مجلس الشيوخ، غير مكترثين بخطورة إجراء الانتخابات بطريقة عشوائية، تسمح بتسلل المتلاعبين بالدين، أو المتاجرين بقوت المصريين إلى البرلمان، ولم يفكروا في إيجابيات ما حدث.

ألم يلتفت هؤلاء إلى ما تشهده هذه الانتخابات، من محاولة دعم الحياة الحزبية وإتاحة الفرصة للمشاركة الأوسع في البرلمان، بغرفتيه (الشيوخ - النواب) أو إتاحة الفرصة للتحرك وسط الجماهير لإعلان برامجها وتوجهاتها من أقصى اليمين لأقصى اليسار؟!

مستقبل مصر لن يحدده الغاضبون دائما من مواجهة الحقيقة، لكنه مرهون بوعي غالبية المصريين وإيمانهم بضرورة الإصلاح.

وفي النهاية لا يسعنى إلا الاستشهاد بقول الله تعالى في كتابه الكريم: "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ".. صدق الله العظيم.

عاجل