رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

عمرو الخياط يكتب: في مواجهة التقلبات الجوية

نشر
مستقبل وطن نيوز
تنبأت الدولة مبكرًا بالتقلبات الجوية، فسارعت باتخاذ إجراءاتها الوقائية والاحترازية، لم يكن الهدف هو تحقيق المستحيل بمنع التقلبات الجوية بل إدارة الممكن بتحجيم الخطر وترويض آثار هذه الظاهرة الطبيعية التي لا يمكن لأي دولة منعها. لقد كانت الاستراتيجية المصرية واضحة ترتكز على تقليل احتمالات التعرض للخطر، فتواجدت بكامل جهازها الإداري في المسافة التي حالت بين وصول الضرر إلى المواطن المستهدف، وحسمت الدولة أمرها لتعلن التعطيل الرسمي للعمل بينما تواجد في الشوارع المعنيين بأمر المواجهة في المرافق الحيوية من الشرطة والإسعاف والإطفاء وفرق الإنقاذ والمياه والصرف الصحي. وبينما منح المواطن المصري فرصة التواجد في منزله كإجازة مدفوعة الأجر كان رئيس الوزراء يقود خلية عمل لتقليل آثار التقلبات الجوية على المواطن المصري. لم تكن الإجازة الممنوحة إجراءً سلبيًا بقدر ما كانت خطوة إيجابية، أبرزت قدرة الدولة على حسم أمورها لحماية مواطنيها، كما أبرزت ما يفرضه القدر على بعض الفئات من تقديم التضحية كخدمة عامة لفئات المواطنين الذين حصلوا على إجازتهم المدفوعة، بينما نفس الموظف المتساوي معه في درجة المواطنة نزل لخدمته في ظروف وأجواء عمل لا يقدر مقابلها بثمن. وفِي مواجهة الأزمة ظهرت الدولة بكامل مسئوليها فحاصرتها حصارًا نفسيًا مبكرًا، ومنعت أسباب الغضب التي كانت ستتراكم من جراء الكارثة المرورية التي كانت ستتحقق لو أن الدولة أخطأت في تقدير ذلك استباقيًا. برز في مقدمة المشهد رجال وزارة الداخلية الذين وثقت كاميرات المواطنين مواقفهم في التعامل مع الأزمة لتقديم خدمة استثنائية للمواطن في ظرف استثنائي بالغ التعقيد، أظهر العمق الإنساني لهذه الوظيفة التي طالما وجهت بحملات الجلد الإعلامي والحقوقي. وإلى جوار الأداء الامني لاحتواء الآثار البالغة، ظهرت في الشارع الفرق المكلفة من مختلف المحافظات لمواجهة سيول المياه المتدفقة، وفِي الوقت الذي كانت الدولة قد سمحت بإجازة احترازية لجهازها الإداري فأي خلية عمل إدارية انتشرت في ربوع الدولة ليس لها وظيفه إلا إنقاذ المواطن الذي اضطرته الظروف إلى النزول للشارع ليجد أيادي الدولة قد سبقته إليها. وبينما كانت الدولة تقف على أرضية توحد مؤسسي في مواجهة التقلبات الجوية كان التنظيم الإخواني وحواريوه واتباعه وأنصاره يتربصون لمواجهة الدولة المصرية للهجوم عليها بزعم فشلها في إدارة حياة المصريين. لم يكن التنظيم وخدامه معنيين بصالح المصريين بقدر عنايتهم بتعرضه للألم من أجل المتاجرة بهذا الألم لإهدار الصورة الذهنية في وجدان المصري. وفِي الوقت الذي كانت تمر فيه ساعات اليوم لتحكم الدولة سيطرتها على الأزمة ساعة بعد ساعة، كانت الروح المعنوية الشيطانية لخلايا الإخوان الإلكترونية تخور قواها بعدما فقدت ما تقتات عليه من الأم ومتاعب المصريين. في تفسير عموم المشهد تجد لغة حوار وتواصل رفيعة قد أحدثت انسجام ظاهر ما بين الدولة ومواطنها الذي وضع ثقته الكاملة فيها فحرصت على أن تكون محلًا كاملًا لهذه الثقة. وعلى مدار اللحظة كان الإعلام المصري على قدر الحدث إخباريًا ناقلًا لكل التفاصيل، ومتواصلًا مع المواطن لينقل صوته إلى المسئولين من أجل وضعهم أمام مسئوليات جديدة، لتظهر هنا حالة مؤسسية جديدة يمارسها إعلام مسئول ينقل إلى عاتق مؤسسات الدولة واجبات جديدة عليها أن تواجهها بشكل فوري. لقد خلق المصريون من تفاصيل المحنة منحة جديدة جسدت توحدًا قوميًا حول فكرة الدولة المسئولة التي تصر على أن تكون عند حسن ظن مواطنها. وكلما كانت الأمطار تتدفق كانت ممارسة الدولة لمسئولياتها تتدفق أيضا حول المواطن الذي وضع ثقته الكاملة في مؤسساته الرسمية. في أعماق الأزمة ظهرت دولة ٣٠ يونيو من جديد لتقول أن التوحد حول الوطن هو هدف استراتيجي لا ينبغي الانحراف عنه أبدًا.
عاجل