رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

ما حكم تبرع الإنسان بأعضائه بعد الموت؟.. دار الإفتاء تجيب

نشر
التبرع بالأعضاء
التبرع بالأعضاء

ما حكم تبرع الإنسان ببعض أعضائه بعد موته؟ هو السؤال الذي تبادر إلى الأذهان فور إعلان العض عن تبرعهم بأعضائهم عقب وفاتهم، ما يجعل معرفة حكم تبرع الإنسان ببعض أعضائه بعد موته من الأمور المهمة.

وحول حكم تبرع الإنسان ببعض أعضائه بعد موته ورد إلى دار الإفتاء سؤالا يقول: ما حكم الشرع في إنسان يريد أن يتبرع بعضو من أعضاء جسده بعد موته (مثل العين) للمرضى الذين في حاجة إلى هذه الأعضاء، فهل هذا يجوز؟

حكم تبرع الإنسان ببعض أعضائه بعد موته

وأجابت دار الإفتاء على السائل قائلة: لا مانع من ذلك شرعًا؛ تحقيقًا لمصلحة الحيّ، وليس في ذلك اعتداءٌ على حرمة الميت؛ لتحقُّق الضرورة التي تدعو لذلك، هذا إذا لم يكن للميت أهلٌ؛ فإذا كان له أهل فإن الأمر يكون بيدهم وبإذنهم في هذه الحالة. 

وأضافت دار الإفتاء:بحثنا هذا الموضوع ووجدنا أن الإنسان بعد موته تجب المحافظة عليه ودفنه وتكريمه وعدم ابتذاله؛ فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم النّهي عن كسرِ عظمِ الميت؛ لأنه ككسره حيًّا، ومعنى هذا الحديث أن للميت حرمةٌ كحرمته حيًّا؛ فلا يُتعَدَّى عليه بكسرٍ أو شقٍّ أو غير ذلك.

وإخراجُ عين الميت كإخراجِ عين الحي يُعتَبَرُ اعتداءً عليه غير جائز شرعًا، إلا إذا دعت إليه ضرورةٌ تكون المصلحةُ فيها أعظمُ من الضرر الذي يصيب الميت؛ وذلك لأن قواعد الدين الإسلامي مبنية على رعاية المصالح الراجحة، وتحمُّل الضرر الأخف لجلب مصلحة يكون تفويتها أشدُّ من هذا الضرر.

فإذا كان أخذُ عينِ الميت لترقيع قَرَنيَّة عين المكفوف الحيّ يحقق مصلحة ترجح مصلحة المحافظة على الميت جاز ذلك شرعًا؛ لأن الضرر الذي يلحق بالحيّ المضطر لهذا العلاج أشدُّ من الضرر الذي يلحق الميت الذي تؤخذ عينه بعد وفاته، وليس في هذا ابتذالٌ للميت ولا اعتداءٌ على حرمته المنهيّ عنه شرعًا؛ لأنّ النّهي إنما يكون إذا كان التعدّي لغير مصلحة راجحةٍ أو لغير حاجةٍ ماسةٍ، وقد ذهبنا إلى جواز ذلك في تشريح جثث الموتى ممن لا أهل لهم قبل دفنهم في مقابر الصدقة لتحقيق مصلحة عامة راجحة للناس؛ إحياء لنفوسهم، أو علاجًا لأمراضهم، أو لمعرفة أسباب الحوادث الجنائية التي تقع عليهم، مستندين في ذلك إلى ما سبق أن أوضحناه، وإلى أنّ القواعد الأصولية تقضي بإيجاب ما يتوقف عليه أداء الواجب، فإذا أوجبَ الشارعُ شيئًا تضمّن ذلك إيجاب ما يتوقف عليه ذلك الشيء.

وعلى ذلك، وتطبيقا لما ذهبنا إليه في الإفتاء بجواز تشريح الجثث للموتى الذين لا أهل لهم نقول: إن الاستيلاء على عين الميّت لتحقيق مصلحة للحيّ الذي حرم نعمة البصر عقب وفاته وحفظها في بنكٍ يسمّى بنك العيون لاستعمالها في ترقيع قرنية المكفوفين الأحياء الذين حرموا نعمة النظر ليس فيه اعتداءٌ على حرمة الميت، وهو جائز شرعًا؛ لأن الضرورة دعت إليه، ولأن الضرورة شرعًا تُقدَّر بقدرها.

ونرى قصرها في هذا الاستفتاء على أخذ عين الميت الذي لا أهل له قبل دفنه لاستخدامها في الغرض المنوه عنه سابقًا، وبذلك تتحقق مصلحةٌ للأحياء المكفوفين أعظمُ بكثير من الضرر الذي يصيب الميت الذي أُخِذَت عينُهُ، وليس فيه امتهانٌ لكرامته أو ابتذالٌ له، وأما الأموات الذين لهم أهلٌ فإن أمرَ الاستيلاء على عيونِ موتاهم يكون بيدهم وبإذنهم وحدهم، فإن أذنوا جاز ذلك وإلا فلا يجوز بدون إذنهم، ولا إثمَ حينئذٍ على من تبرَّع أو أذن بالصفة الموضحة ما دامت المصلحة راجحة. ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء على سؤال حكم تبرع الإنسان ببعض أعضائه بعد موته. 

عاجل