رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

مستشار المفتي: الإسلام يحث على التسامح مع النفس والآخرين

نشر
مستقبل وطن نيوز

أكد الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، أن الشريعة الإسلامية تحث على التسامح مع النفس والآخرين والعمل واتقانه والصيام والصبر متلازمين حليفهما النصر على النفس وترويضها والنصر على العدو.

وأوضح المستشار العلمي لمفتي الجمهورية - خلال لقائه في الحلقة السابعة من حلقات برنامج " آيات محكمات" والذي نتناول فيه قبس من أنوار القرآن الكريم في شهر القرآن، والذي تقدمه وكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ" على النشرة العامة ومواقع السوشيال ميديا اليوم -: أنه لا معنى لما يردده البعض من أن الصيام يحمل الإنسان على الضيق والضجر وعدم التحمل والكسل، مؤكدًا أن الصيام علاج نفسي وبدني لمن يأخذ الصيام حجة للتكاسل والضيق من أجل الرقي بالإنسان والمجتمعات. 

وأضاف المستشار العلمي لمفتي الجمهورية: "ولكي نرقى من خلال الصيام لابد وأن نتحدث عن معناه والهدف منه وكيف نصل إلى الهدف الأسمى له، ألا وهو العلو بالإنسان والنفس البشرية إلى عالم الروحانيات والشفافية مع الله ومع الناس، وتغيير مفهوم الصيام ومقصده عند البعض ممن يرى أن الصيام عبء وثقل وخنقه، ونحن نقول كما يقول المصريين أن الصيام ليس خنقه ولكن معناه الاحتباس بمعنى أن أحبس نفسي عن فعل كذا، مثلما قالت السيدة مريم "إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا" أي أنا صائمة عن الكلام، يقول الحق تبارك وتعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، حيث كان امتناع السيدة مريم عن الكلام حيث حبست نفسها عن الكلام وهذا نوع من أنواع الصيام"

وأوضح: "أيضا هناك صوم عن نوع من الطعام وهناك الاحتباس أو الصوم عن الأكل والشراب والمفطرات الأخرى وعن الأفعال الذميمة والعياذ بالله، ونسأل أنفسنا هل هذه صفات جميلة أم لا؟ هذه صفات جميلة، يقول لك كيف، الصيام بالنسبة لي يمثل عبئا ثقيلا، ونحن نقول له بالعكس، أجمل ما في هذا الاحتباس أو الصيام أنه يعلمك الصبر وكيف تصبر على تحقيق مقصدك وأن تتيقن أن كل شيء بوقته، قبل الفجر تأكل وتشرب ويعاشر الزوج زوجته، وأول ما يقول المؤذن الله أكبر، تمسك عن نفسك وتقول سبحان الله سبحان من حرم الحلال بعد ما كان حلالا وتقف عن كل المفطرات".

وتابع المستشار العلمي لمفتي الجمهورية: "وتظل فترة النهار صائما ويصبح كل شيء من المفطرات عليك ثم يؤذن للمغرب فتفطر حلالا وتقول اللهم بك آمنت ولك صمت وعلى رزقك أفطرت، ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله، إقرار بالعبودية والطاعة ودعاء بالقبول ورجاء الله بالاستجابة للدعاء أليس في ذلك انضباط وانصياع للأمر الإلهي في الآية الكريمة"{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}، ومن ثم كيف يضجر الإنسان من الهدى والهداية والسكينة وأيضا وهو يوحد الله ويقر بنعمته وفضله ويطلب عفوه وغفرانه ورشده".

واستطرد المستشار العلمي لمفتي الجمهورية قائلا: "ومن ثم نكون بالصيام وفي شهر الصيام بالحالة التي يجب أن نكون عليها امتثالا لأمر الله تعالى بالصبر والانضباط والنظر إلى الله عز وجل والعمل والإخلاص فيه واتقانه لأن هناك ناس كثيرة تظن إن الصيام يضعها في ضيق وحرج ويقول: (أنا طبعي كده وأنا صايم يبقى خلقي ضيق ويتنرفز، ويحلف بالطلاق ويشتم ويقول ألفاظ سيئة والعياذ بالله) ولهؤلاء نقول، أبدًا الشريعة لم تأمرنا بذلك، أمرتنا بغير هذا تماما، أمرتنا بأن نتعامل بالحسنى مع النفس ومع الآخرين"، (تعامل نفسك حلو، تتعامل مع الآخرين أحلى، ممكن تقول لي أن هذا الشخص أو ذاك لا يتعامل بالحسنى ويتعامل بطريقة فظة، وأنا أقولك لا تتعامل مثله) انظر إلى حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يومُ صَومِ أحَدِكم فلا يَرفُثْ، ولا يصخَبْ، فإن سابَّهَ أحدٌ، أو قاتَلَه؛ فلْيقُلْ: إنِّي امرؤٌ صائِمٌ، هذا سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف نتعامل، وفي رواية يكرر كلمة "إنِّي امرؤٌ صائِمٌ إنِّي امرؤٌ صائِمٌ" بمعنى (يا عم أنا رجل صائم كافي خيري شري أنا رجل صائم حابس نفسي ووقتي على العبادة أنا رجل صائم أتعامل بالحسنات وبالصفات الجميلة وليس بالسيئات، وماذا بعد ذلك، لا ترد عليه حتى تصبح عبدا ربانيا عبدا من عباد الرحمن وهذا ما نريد أن نوضحه للناس لأنها تلقي لها بالا، لو أنت عملت هذا" فإن سابَّهَ أحدٌ، أو قاتَلَه؛ فلْيقُلْ: إنِّي امرؤٌ صائِمٌ" ـ تصبح عبدا من عباد الله).

وقال المستشار العلمي لمفتي الجمهورية: انظر إلى قوله تعالى "وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"، والمعنى والشاهد هنا أن الصائم يكون هكذا، سيدنا النبي (يريد أن يقول لنا كأن الصائم هذا سلم وسلام وأمن وأمان على المجتمع كله لا يتلفظ بما يضر ولا يأتي بما يضر ويتحمل حتى من يضره، مضيفا: أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يعلمنا أن الصيام ليس كسلا أو تقاعس ونوم وإنما شهر للطاقة الإيجابية، صحيح الصيام يؤثر على الناحية البدنية إذا ما نظرنا إليه من الناحية البيولوجية، ولكن بالنظر إلى الطاقة الإيجابية والقوة الروحية، شاهد وراقب جيدا ما يحدثه الصيام في الإنسان والارتقاء به إلى أعلى درجة من السمو النفسي الذي يضعه ويزكيه الصيام في الإنسان إنه المدد الذي نبتغيه من الله تعالى، انظر إلى نصر العاشر من رمضان ومن قبله بدر من أين جاء المدد للمسلمين والمصريين فيهما من الله تعالى انظر إلى الجنود وهم يصرون على الصيام في الحرب".

وتابع: "القوة الروحية أكبر بكثير من القوة البدنية وتأثيرها أعظم، الطاقة تكون أكبر لذلك يقال لك إن النصر مع الصبر، بمعنى أن الصبر حليف ومتلازم مع الصبر، لما تصبر عن طيب خاطر يصبح النصر حليفك مع الصائمين، لافتا إلى كلمة صائم تعني صابر، وبما أن الأمر كذلك يكون النصر مع الصبر، ولهذا نقول لمن يدعي عدم القدرة على العمل أو يتكاسل إياك أن تقول ذلك أو تقول خلقي ضيق أو تسب أو تقذف أحد أو تؤذي أحد، تعلم الصبر والحلم من خلال الصيام وانتصر على نفسك بمراقبة الله تعالى حتى تحظى بمرتبة الإحسان من العبادة بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

عاجل