رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

«بيدها لا بيد ترامب».. استقالة مديرة الاستخبارات المركزية الأمريكية قبل ساعات من تنصيب بايدن

نشر
مستقبل وطن نيوز

عندما عين الرئيس الأمريكي الذي سيغادر البيت الأبيض اليوم دونالد ترامب، جينا هاسبل مديرة للاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" في العام 2018 أذهل ترامب الأمريكيين والعالم بهذا القرار لأن هاسبل هي أول سيدة يتم إسناد هذا المنصب الخطير لها في تاريخ الولايات المتحدة. 

واليوم وقبل سويعات قليلة من مغادرته لمنصبه، أذهلت سيدة الاستخبارات القوية الأمريكيين بإعلانها الاستقالة من منصبها، موجهة بذلك صفعة لترامب الذي توترت علاقتها معه على مدار العام 2020، ويتهم ترامب هاسبل بأنها خذلته عندما حجبت معلومات عن خصومه وهي المعلومات التي كان ترامب يأمل في توظيفها في صراعه السياسي والانتخابي مع الديمقراطيين الذين دفعوا بنائب رئيس البلاد السابق جو بايدن في سباق الرئاسة الأمريكية عام 2020.

ويقول المراقبون إن مديرة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل والتي أمضت 36 عاما في خدمة هذا الجهاز الخطير حافظت على سمعة هذا الجهاز "كمؤسسة دولة" بعد أن حاول ترامب التعامل معه كإحدى مؤسسات أعماله الخاصة، معتبرين أن السيدة هاسبل قد انتصرت بصمودها أمام ضغوط ترامب لسمعة الاستخبارات الامريكية عندما رفضت الرضوخ لضغوطه المحمومة التي لم تنقطع لتوظيف ما تحويه خزائن "سي آي إيه" من أسرار توظيفا سياسيا لمصلحة الجمهوريين في مواجهة خصومهم الديمقراطيين.

ويؤكد هؤلاء المراقبون أن السيدة هاسبل بمقاومتها ضغوط ترامب قد أكدت دور الاستخبارات الأمريكية " كمؤسسة دولة لا كمؤسسة فرد " بعد أن أعتقد ترامب أن بإمكانه معاملة هذا الجهاز وكأنه جزء من إمبراطورية أعماله الخاصة. 

وتعد وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" درع الدفاع الأول عن الولايات المتحدة ضد أنشطة التجسس والاستخبارات الخارجية المعادية، وبإصرارها على موقفها أكدت السيدة هاسبل أن "سي آي إيه" لا يجب أن تكون طرفا في تجاذبات الصراعات الرئاسية والسياسية وتقاطعاتها الشائكة وهو ما تؤكده القوانين الناظمة لدور الاستخبارات الأمريكية المركزية التي تحظر على الجهاز والعاملين به الانخراط في أية انشطة داخلية او سياسية تتنافى مع قواعد الحيدة العملياتية والسياسية.

وفى العاشرة من مساء أمس الثلاثاء في الساعة الرابعة صباحًا بتوقيت الولايات المتحدة كتبت مديرة الاستخبارات المركزية على موقع الجهاز على منصة تويتر "لقد كان لي عظيم الشرف على مدار حياتي أن أقود هذا الجهاز العظيم.. واليوم وأنا أغادر، منصبي أؤكد افتخاري بما حققناه معا أنا والعاملون في جهازنا من انتصارات وما تغلبنا عليه من تهديدات وهو ما اعتبره الاستثمار الافضل لمستقبل وطننا". 

كما وجه العاملون في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كلمة شكر لمديرتهم المغادرة نشروها على حساب "سي آي إيه" على منصة تويتر يشكرونها فيها على ستة وثلاثين عاما كرستها من حياتها في الوكالة لخدمة الشعب الأمريكي"، وقالوا "لقد حطمتي كل العراقيل وأعطيتي القوة لجيل جديد من العاملين في جهازنا العظيم". 

وقد التحقت جينا هاسبل – المولودة في الأول من أكتوبر 1956 – بالعمل كضابطة استخبارات في العام 1985 وترقت في مناصب "سي آي إيه" بعد ذلك فصارت في العام 2013 مديرة لمكتب العمليات السرية في الاستخبارات الامريكية ثم ترقت إلى منصب نائب مدير الجهاز في فبراير 2017 وشملت مسؤولياتها جمع وتحليل المعلومات والتعامل مع أجهزة الاستخبارات الأجنبية، وبعد ذلك صارت هاسبل مديرة لوكالة الاستخبارات المركزية اعتبارًا من مايو 2018 خلفا لمايك بومبيو مدير الوكالة الذى عينه ترامب وزيرًا للخارجية بعد إقالته لوزير خارجيته السابق ريكس تيلرسون. 

وقضت هاسبل الجزء الأكبر من عملها في الجهاز مديرة لعملياته السرية خارج الولايات المتحدة وكانت المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخباراتية وتدبير العمليات السرية الخاصة، ولم تكشف وكالة الاستخبارات المركزية عن تفاصيل عمل هاسبل التي اتسم بحساسيته، لكن وسائل الإعلام الأمريكية أطلقت عليها وصف "المرأة المرعبة" بعد انكشاف دورها في معتقل أبو غريب العراقي أثناء التحقيق مع منتسبي تنظيم القاعدة.

وبرغم ما نسجه الإعلام الأمريكي من أساطير حول سيدة "سي آي إيه" الحديدية في العراق ووسط آسيا، فإن ذلك لم يمنع امتلاك هاسبل ملفًا حافلًا بالإنجازات في عالم مكافحة الإرهاب، فهي السيدة التي حققت مع المشتبه في انتمائهم للقاعدة ومن بينهم قيادات في التنظيم من أعوان أسامة بن لادن أبرزهم العنصر الإرهابي المكنى ابو زبيدة، وحازت هاسبيل على وسام التميز في مكافحة الإرهاب من رئيس الولايات المتحدة السابق جورج بوش الابن تقديرًا لجهودها في مكافحة الإرهاب بعد هجمات برجي مركز التجارة العالمي في سبتمبر 2001.

وكانت جينا هاسبيل مديرة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" قد هددت قبل أيام بترك منصبها وذلك في حالة إقدام ترامب على الإطاحة بها، وقد أوفت بقسمها ليلة أمس معلنة استقالتها كنهاية لعلاقات متوترة مع ترامب على مدار العام 2020. 

وكشفت مصادر إخبارية أمريكية النقاب عن كواليس صراع دار في الخفاء خلال الأسابيع الماضية بين ترامب وهاسبل التي هددت بترك منصبها فورًا إذا فكر ترامب في إقالتها، وروت تقارير إخبارية أمريكية كيف كان ترامب مصرًا قبل أسابيع من انتهاء ولايته الرئاسية على الانتقام من قادة أجهزته الأمنية وخصوصًا مديرة "سي آي إيه" بهدف إرباك المشهد السياسي العام أمام منافسه الفائز في الانتخابات الرئاسية جو بايدن. 

وكشفت هذه التقارير عن عدول ترامب في الحادي عشر من ديسمبر الماضي عن فكرة إقالة مديرة "سي آي إيه" جينا هاسبل وتعيين صديقه المقرب كاش باتيل فى المنصب، لكن ترامب عدل عن الفكرة بعد أن حذره مستشاروه من شراسة جينا هاسبل وامتلاكها "للكثير" الذي يمكن أن يحيل حياته إلى جحيم، وكان مايك بنس نائب ترامب ضمن من أشاروا عليه بضرورة تفادي الصدام مع مديرة الاستخبارات الامريكية التي أقدمت بشجاعة اليوم على ترك موقعها "بيدها لا بيد ترامب".

عاجل